للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وتسليم أن أحدًا لم ينكر فمن أين لنا أنه بلغ الجميع، ونحن نشرطُ في السكوتي بلوغَ الكلِّ؟

سلمنا: أنه بلغهم، ولكن الصَّادر من عثمان كان حكمًا، والحكم لا إنكار فيه. والمنقول عدم الإنكار في الحكم، ونحن نقول به؛ لأن من حكم في رمضان بالاجتهاد لم يعترض عليه.

أما إنكار الاجتهاد والقول بأنه غير صواب، فلم قلتم: إنه لم يقع؟ وقد نقلنا عن ابن الزبير ما نقلناه.

واعلم: أن هذا السُّؤال هو الذي أوجب لابن أبي هريرة أن يفرق بين الفُتْيا والحكم واستحسنه ابن السَّمعاني لذلك، وقد ظهر اندفاعه، فلا حاجةَ إلى التفرقة.

وأما مسألة استيفاء البالغ القصاص إذا كان مشتركًا بينه وبين الصبي، فجوابه من أوجه:

أحدها: أن أهل الأرض وإن عرفوا مَقْتل ابن ملجم (١)، ولكن لا نسلم أنهم عرفوا أن من الورثة صغارًا.

والثاني: - وهو المُعْتمد - أن ابن ملجم إنما قتل؛ لكفره، ولا يرتاب المصنّف في ذلك فأقل ما فيه اسْتحلاله قتل علي ، ولو استحلّ قَتْلَ واحد من المسلمين (٢) لكفر، فضلًا عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه.

ولا رَيْبَ في أنه كان يستحلّ ذلك، وقد قال شيطانه في هذيانه: إنه ما قتله إلا ليبلغ عند الله رضوانًا - أخزاه الله وقبّحه.

والثالث: أن عليًّا - كرم الله وجهه - كان إمام المسلمين.

ولنا وجه في [المذهب (٣): أن قاتل الإمام الأعظم يقتلُ حدًّا - حكاه المَاوَرْدِيُّ - وابن


(١) عبد الرحمن بن مُلْجَم المرادي التدؤلي الحميري. فاتك ثائر، من أشداء الفرسان أدرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل، فكان من القراء وأهل الفقه والعبادة، ثم شهد فتح مصر وسكنها، فكان فيها فارس بني تدؤل، وكان من شيعة علي بن أبي طالب، وشهد معه صفين، ثم خرج عليه فاتفق مع البرك على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، فقتل هو عليًّا بضربة أصابت مقدم رأسه توفي على أثرها، فلما مات علي أحضر ابن ملجم إلى الحسين ثم قطعوا يديه ورجليه ولسانه، ثم أجهزوا عليه، وذلك سنة ٤٠ هـ بـ"الكوفة". ينظر: طبقات ابن سعد ٣/ ٢٣، ولسان الميزان ٣/ ٤٣٩، والنجوم الزاهرة ١/ ١٢٠ والأعلام ٣/ ٣٣٩.
(٢) في أ، ح: المسلم، وهو خطأ.
(٣) في ب: المذاهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>