للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: يَسْتَلْزِمُ إِلْغَاءَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِتَقْدِيرِ الاِطِّلَاعِ عَلَيْهِ.

قُلْنَا: بَعِيدٌ، وَبِتَقْدِيرِهِ، فَلَا أثَرَ لَهُ مَعَ القَاطِعِ كَمَا لَوِ انْقَرَضُوا.

قَالُوا: لَوْ لَمْ يشتَرَطْ لَمُنِعَ الْمُجْتَهِدُ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ اجْتِهَادِهِ.

قُلْنَا: وَاجِبٌ؛ لِقِيَامِ الإجْمَاعِ.

والحاصل أن القائلين بالانقراض اختلفوا في إدخال من أدرك المجمعين من التابعين، فمنهم من قال: لا مدخل للتَّابعي، وفائدة اشتراط الانقراض إمكان رجوع المجمعين أو بعضهم عما حكموا به أولًا، لا جواز مجتهد آخر.

وبتقدير تسليم دخول التابع لهم في إجماعهم، فلا يمتنع أن يكون الشَّرط هو انقراض عصر المجمعين عند حدوث الحَادِثَةِ، واعتبار مُوَافقة من أدرك ذلك العَصْر من المجتهدين لا عَصْر من أدرك عصرهم، وإلى هذا أشار إمامُ الحرمين، إذ قال: وهؤلاء - يعني: المشترطين - يقولون: لو أجمع العلماء في عصر، ثم لحقهم لاحقون، وبلغوا رتبة المجتهدين، فلا يعتبر انقراضهم؛ إذ يلحقهم آخرون.

وهذا يفضي إلى عسر تصوّر الانقراض، والمرعى إذًا اعتبار الذين أجمعوا أولًا.

الشرح: ومشترطو الانقراض "قالوا": عدم الاشتراط "يستلزم إلغاء الخبر الصَّحيح بتقدير الاطّلاع عليه" بعد الإجماع، وذلك يؤدي إلى إبطال النّص بالاجتهاد.

"قلنا": وجوده بعد الإجماع "بعيد"، فإنهم إنما يجمعون بعده ففسد البحث، "وبتقديره فلا أثر له مع القاطع" الدَّال على خلافه، وهو الإجماع "كما لو انقرضوا"، فإنه لا أثر له إجماعًا.

الشرح: "قالوا": ثانيًا "لو لم يشترط" الانقراض "لمنع المجتهد من الرجوع عن اجتهاده"، واللازم باطل، إذ يجوز له أن يرجع عن اجتهاده بما يطرأ له من الاجتهاد، بل يجب عليه.

وبيان المُلَازمة: أنه إذا تغير اجهاده بما يطرأ له من الاجتهاد، بل يجب عليه، وبيان الملازمة أنه إذا تغير اجتهاد بعض المجمعين، وقد انعقد الإجماع باجتهاده فيحكم باجتهاده الأول، ولا يمكن من العمل باجتهاده الثاني؛ لمخالفته الإجماع.


(١) في ت، ح: شدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>