للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: الْمُمْتَنِعُ تَخْطِئَةُ كُلِّ الْأُمَّةِ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ.

وقد نظر البَيْضَاوي هذا الجواب ووجهه: أنه إذا أخطأت الأمة في شيئين كلّ شطر في شيء دخل تحت عموم "لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى خَطَإٍ".

ومن خطَّأ كلّ فريق في قول فقد خطأ كلّ الأمة.

وهذا (١) النظر له أصل مختلف فيه، وهو أنه هل يجوز انقسام الأمَّة إلى شطرين كل شطر يخطئ (٢) في مسألة؟ - والأكثر على أنه لا يجوز - واختار الآمدي خلافه، فتبعه المصنّف.

وله عندي اتجاه ظاهر، فإن المحذور حصول الاجتماع منها، وإذا انفرد كلّ واحد بخطأ غير خطأ صاحبه، فأين الاجتماع؟

ولو صدق الاجتماع لاقتضى اجتماع جمع عظيم أكثر من عدد المجمعين بأضعاف مضاعفة على الخطأ.

بيانه: أن العصر الماضي لم يَخْلُ عن معاصي صدرت من سفهائه، واللاحق كمثله، ولاحق اللاحق نظيره، وهكذا إذ ليس كل فرد من الأمة (٣) بمعصوم، والمجاري فيما بينهم طافحة، فإن صدق على مثل هذا أنه إجماع، فقد لاح اجتماع الجَمْعِ العظيم على الخطأ، فالوجه حمل الاجتماع على ما ذكرناه.

والإمامُ الرَّازي لم يذكر هذا الجَوَاب المذكور في الكتاب، بل قال: هذا الإشكال غير واردٍ على القول بأن كل مجتهد مصيبٌ، فإنه لا يلزم من حقيقة واحد من الأقسام فساد الباقي.

سَلَّمنا، ولكن لا يلزم من الذِّهَاب إلى الثالث كونه حقًّا؛ لأن المجتهد يعمل بمقتضى اجتهاده، وإن كان خطأ في نفس الأمر.

ولقائل أن يقول: [على الأول] (٤) قد اعترفتم أولًا بوروده على المَذْهَبِ الحَقّ الذي يرويه وهو أن المصيب واحد، ثم لم قلتم: إنه لا يلزم من حقيَّة أحد الأقسام فساد الباقي إذا وقع الإجماع على ذلك القسم.

وعلى الثاني: أن الذَّاهب إلى الثالث إذا كان يعلم انقسام [الأمة] (٥) إلى شَطْرَيْنِ، والفرض علمه أن الثالث يستلزم التَّخْطئة، فقد علم أن الذهاب [إليه] (٦) خطأ فيحرم عليه الذهاب إليه.


(١) في أ، ت، ح: فهذا.
(٢) في ب، ت: مخطئ.
(٣) في أ، ب، ت: الأئمة.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ح.
(٦) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>