للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله عنها إلا أوتي بأحد نكحها إلا رجمته".
ويقال لهم في المعقول: لا نسلم أنها منفعة خالية من جهات القبح ولا ضرر فيها في الآجل ولا في العاجل، بل الضرر متحقق فيها؛ فإن فيها امتهان المرأة وضياع الأنساب؛ فإنه مما لا شك في أن المرأة التي تنصب نفسها ليستمتع بها كل من يريد تصبح محتقرة في أعين الناس، وأيضًا فهو معقول في مقابلة النص، وهو باطل.
ويقال لهم في الإجماع أولًا: إن إجماع أهل البيت على فرض إجماعهم ليس بحجة، فما بالك والإجماع لم يصح عنهم. فهذا زيد بن علي وهو من أعلمهم يوافق الجمهور، ثم إن الإمام عليًا وهو رأس الأئمة عندهم يقول بتحريمها، فقد روي من طريق جويرية عن مالك بن أنس عن الزهري أن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب والحسن بن محمد حدثاه عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: إنك رجل تائه - أي مائل - إن رسول الله نهى عن المتعة.
وأما الجمهور: فقد استدلوا على تحريم نكاح المتعة بالكتاب والسنة والمعقول والإجماع أما الكتاب: فقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أنها أفادت أن الوطء لا يحل إلا في الزوجة والمملوكة، وامرأة المتعة لا شك أنها ليست مملوكة ولا زوجة. أما أنها ليست مملوكة فواضح. وأما أنها ليست زوجة؛ فلأنها لو كانت زوجة لحصل التوارث بينهما؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ الآية وبالاتفاق لا توارث بينهما.
وثانيًا: لثبت النسب لقوله : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وبالاتفاق لا يثبت النسب.
وثالثًا: لوجبت العدة عليها؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ الآية.
وأما السنة فأولًا: ما روى مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله "نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية" ووجه الدلالة من الحديث أن النبيّ نهى عن المتعة، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون نكاح المتعة فاسدًا. والحديث يدل على نسخ ما تقدم من إباحتها.
ثانيًا: ما روي عن سبرة الجهني أنه غزا مع النبيّ فتح مكة: قال فأقمنا بها خمسة عشر، فأذن لنا رسول الله في متعة النساء، وذكر الحديث إلى أن قال: فلم أخرج منها حتى حرمها رسول الله . وفي رواية: أنه كان مع النبيّ فقال: "يأيها الناس كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليمنع سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا" رواه أحمد ومسلم. ووجه الدلالة من الحديث أنه يدل برواياته على =

<<  <  ج: ص:  >  >>