ومما يؤيد رجوع ابن عباس ما أخرجه الترمذي أن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شأنه حتى نزلت: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ فقال ابن عباس: فكل فرج سواهما حرام. وقد روى رجوعه أيضًا البيهقي وأبو عوانة في صحيحه. وروي عنه أنه قال عند موته: اللهم إني أتوب إليك من قولي في المتعة والصرف. وعليه فلا يصح الاحتجاج بفتوى ابن عباس وقد رجع عنها. ويقال لهم في أثر جابر: إن قوله: "تمتعنا .. ، إلخ" يحمل على أن من تمتع لم يبلغه النسخ حتى نهى عنها عمر. أو يكون جابر ﵁ قال ذلك لفعلهم في زمن رسول الله ﷺ ثم لم يبلغه النسخ حتى نهى عنها عمر، فاعتقد أن الناس باقون على ذلك لعدم الناقل عنده. والقول بأن عمر هو الذي نهى عنها وأن ذلك من قبيل السياسة الشرعية غير مسلم؛ فإن عمر إنما قصد الإخبار عن تحريم النبيّ ﷺ ونهيه عنها؛ إذ لا يجوز أن ينهي عما كان النبي ﷺ أباحه وبقي على إباحته، ومما يؤيد أن نهيه عنها ليس من قبيل السياسة الشرعية بل إنه نهى عنها لما علم نهى النبيّ ﷺ ما روي من طريق سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر قال: صعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم=