وأما من لم يقل بشيء من ذلك، بل يقول: هو حجَّة قطعية، وليس منه شيء ظني ظنيًّا، فإنه يلزمه أن يرده ولا يقبله. انتهى.
وسبقه الآمديُّ حيث قال: المسألة دائرةٌ على اشتراط كون دليل الأصل مقطوعًا به إلى آخر كلامه، وسيذكر المصنّف نحوه.
ولقائلٍ أن يقول: يجوز أن يستدل بالإجماع على حادثة إذا ظن وقوعه بخبر الواحد، وإن كان الأصل حجّية الإجماع لا تثبت إلا بالقطع، فخبر الواحد فيما نحن فيه مخبر عن وقوع الإجماع لا عن حُجّيته.
ولم قلتم: إنه لا يعتمد عليه حينئذٍ؟ وبهذا أسقط قولهم من قال: إن دليله قَطْعِيّ لا يقبل فيه خبر الواحد.
والحق أن هنا مسألتين:
إحداهما: أن الأصل الإجماع - أعني: كونه حُجَّة لا يثبت بخبر الواحد - وهذا هو الصحيح وهو ما صرح الغزالي باختياره، وثبت قوله فيه، وحكى المُخَالفة فيه عن بعض الفُقَهاء.
والثانية: - وهي مسألة الكتاب - وفيها تكلّم الآمدي، والهندي أن الإجماع إذا نقل بخبر الواحد، هل ينهض دليلًا معمولًا به؟
قال الجماعة: نعم، وحكوا عن الغَزالي المُخَالفة، وهي حكاية صحيحة، فإن الغزالي قال: إنه الأظهر وإن لم يقطع بمقابله، وذكر دليلًا حسنًا، ذكره الآمدي أيضًا وأهمله المصنّف، وهو أن العمل بخبر الواحد إنما تثبت مشروعيته بإجماع الصَّحابة.
وإنما أجمعوا عليه فيما روي عن رسول الله ﷺ.
أما ما روي عن الأمة من اتفاق، وإجماع فلم يثبت فيه [نقل وإجماع، ولو أثبتناه لكان ذلك بالقياس، فلم يثبت لنا](١) صحة القياس في إثبات أصول الشرع. انتهى.
قوله:"لنا نقل الظَّني" بخبر الواحد "موجب" للعمل به، "فالقَطعيُّ" المنقول به "أولى" أن يكون معمولًا به.