للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والآمدي لم يذكر هذا الدَّليل هكذا، بل قال: خبر الواحد عن الإجماع مفيد للظَّن، فكان حجة كخبره عن نصّ الرَّسول .

وهذا يدرؤه ما ذكره الغزالي: من أنه لا دليل هنا على العمل بخبر الواحد إلا القياس، ولم يثبت أنه يفيد (١) هنا كما علمت.

وقد ذكره الآمدي من بعد، والآمدي لم يصرح في المسألة باختيار شيء.

والمصنّف اختار العمل، فاحتاج إلى تقوية هذا الدليل، فأورده على الوجه الَّذي علمته ليجعله من باب قياس الأولى.

فورد عليه ما ورد على هذا الدَّليل من أن القياس لم يثبت العمل به هنا، وزيادة وهي: أن دعوى الأولوية لا وجه لها، وقد يعكسها الخصم، فلو اقتصر على ما فعل الآمدي لكان أولى، وكان أقصى ما يرد عليه ما ذكره الغَزَالِيّ، ويمكن المُنَازعة فيه بأن يقال: العمل بالظَّن في العمليات مطلقًا واجب.

قوله: "وأيضًا" قوله : "نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ"، واللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ" (٢).


(١) في ب: بعيد.
(٢) ذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص ٩١، وقال: اشتهر بين الأصوليين والفقهاء، بل وقع في شرح مسلم للنووي في قوله : "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" ما نصه: معناه إني أمرت أن أحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر كما قال اهـ. قال السخاوي: ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره.
وذكره الحافظ ابن كثير في "تحفة الطالب" ص (١٧٤) وقال: وهذا الحديث كثيرًا ما يلهج به أهل الأصول، ولم أقف له على سند، وسألت عنه الحافظ أبا الحجاج المزي فلم يعرفه. لكن له معنى في الصحيح: وهو قوله : إنما أقضي بنحو مما أسمع.
وقال البخاري في كتاب الشهادات: قال عمر: إن ناسًا كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله ، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>