للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: إِثْبَاتُ أَصْلٍ بِالظَّاهِرِ.

قال الآمدي: ذكر الظَّاهر بالألف واللام المستغرقة، فدخل فيه الإجماع الثَّابت بخبر الواحد لكونه ظاهرًا ظنيًّا. انتهى.

فإن قلت: لا يلزم من حكمه هو بالظاهر أنا نحن نحكم.

قلت: إذا حكم به كان هو الحق، ضرورة أنه لا يحكم إلا بالحق، ثم الأصل عدم التخصيص.

ولقائل أن يقول: دلالة الحديث على الحُكْمِ لكل مظنون مظنونة، أو غايته (١): العموم، ودلالته على أفراده ظنية، ثم إنه عام مخصوص قطعًا؛ إذ من الأشياء ما لا يحكم فيه الظاهر إذا كانت مظنونة، فلم قلتم: إنه يعمل بها هنا، فذلك دور، وحديث نحن نحكم بالظَّاهر لا يعرفه المحدثون، لكنَّ معناه ممَّا لا خلاف فيه.

وفي الصحيح: أن النبيّ قال: "إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ".

وروي أن العَبَّاس قال: يا رسول الله كنت مكرهًا (٢) يوم "بدر"، فقال النبيّ :"أَمَّا ظَاهِرُكَ فَكَانَ عَلَيْنَا، وَأَمَّا سَريرَتُكَ فإِلَى الله".

الشرح: والمانعون "قالوا": هذا "إثبات أصل" من أصول الشَّريعة "بالظاهر"، فلا يجوز.

"قلنا: المتمسّك الأول" - وهو قياس الأولى - "قاطع"، "والثاني" - وهو حديث "نَحْنُ نَحْكمُ بِالظَّاهِرِ" - "ينبني على اشتراط القَطْعِ" في أدلَّة الأصول.

ولك أن ترتب الجواب هكذا: لا نسلّم أن هذا إثبات أصل، إنما الأصل انتهاض الإجماع من حيث هو دليل، لا أنه هل وقع إجماع في المسألة الفلانية، وهذا لم يذكره في الكتاب، وهو أوجه مما بعد.

سلمنا: أنه أصل ولكن لم قلتم: إن الأصل لا يثبت بالظَّواهر إذا كان يقتضي عملًا.

وهذا الجواب الثَّاني في الكتاب.

سلمنا ولكن معنا دليل قَطْعي، وهو قياس الأولى، وهذا الأولى فيه وقد علمت ما فيه.

ثم ذكر الآمدي عبارة ناشئة عن عدم اختياره في المسألة شيئًا فقال: والظُّهور في هذه المسألة للمعترض من الجانبين دون المستدلّ فيها.


(١) في ت، ح: غائبة.
(٢) في ح: مكروهًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>