للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَمْسِ يُكَفَّرُ.

ثالثها: المختار أن نحو العبادات الخمس يكفر".

وأنا أقول: الكلام في التَّكفير معضل عظيم، وعبارة المصنّف هنا قلقة عاصية، وأنا أبدي ما عندي ثم أتكلم عليها وأعرضها على الحَقّ فإن وافقته، وإلا طرحتها، فالحَق: عرض الأقوال على الحَقّ، لا عرض الحق على الأقوال، والتَّمَحُّل لها بغاية التعسُّف، ونهاية الفساد (١)، فأقول: إنكار الإجماع يفرض على وجهين:

أحدهما: أن [ينكر المرء أن الإجماع] (٢) حجة - ولم يتكلم المصّنف في هذا - ولا ريب في أنا لا نكفر من أنكر الإجماع السكوتي، والإجماع الذي لم ينقرض أهل عصره، ونحو ذلك من الإجماعات التي اختلف العلماء المعتبرون في انتهاضها حُجَّة، إنما الكلام فيمن أنكر أصل الإجماع، وهدم قاعدته، وزعم أن الله لم يشرع الاحتجاج به لخلقه، ولا شَكّ في بدعة هذا، والقول في تكفيره كالقول في تكفير أهل البِدَعِ والأهواء.

الوجه الثَّاني: أن ننكر حكم الإجماع، وفيه تكلّم المصنّف - فيقول مثلًا: ليس لبنت الابن السّدس مع بنت الصُّلب، أو ليست الصَّلاة واجبةً، وهذا على أقسام:

أحدها: منكر بَلَغَهُ الإجماع وَلَجَّ في عِنَادِهِ، واستمر على إنكاره، فالوجه عندي هنا أن يقال: إن كان ذلك المجمع عليه خفيًّا كمسألة بنت الابن، فتكفيره في موضع التردُّد، وإن كان ظاهرًا يشترك في معرفته الخَاصَّة والعامَّة، كالصَّلاة فيكفر بلا نَظَرٍ.

القسم الثَّاني: أن ينكر وقوع الإجماع بعد أن يبلغه، فيقول: لم يقع، ولو وقع لقلت به، فإن كان المخبر عن وقوعه الخَاصَّة دون العَامَّة، كمسألة بنت الابن، وهنا خلاف الأظهر عدم التكفير، وإن كان المخبر الخَاصَّة والعامَّة جميعًا كالصَّلاة، كفر ولم يُعذر.

والثالث: ألَّا يبلغه، فيعذر في الخَفِيّ دون الجَلِيّ إن لم يكن قريب عهد بالإسلام، وهذا في حكم الظاهر.

أما في نفس الأمر، فلا كُفْرَ، حيث لا يبلغه، وهو عند الله - تعالى - معذور (٣).

إذا عرف هذا فلنذكر كلام أئمَّتنا، ثم ننعطف على كلام صاحب الكتاب.


(١) في أ، ح: الخيار.
(٢) في أ، ح: ننكر المرار الإجماع.
(٣) في أ، ت: مقدور.

<<  <  ج: ص:  >  >>