للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال الأستاذ أبو منصور البَغْدَادِي في كتاب "معيار الجدل" بعد أن ذكر الفرق بين المسائل الأصولية والفروعية من وجوه عَدّها: وكل ما ذكرناه من الفروق بين مسائل طفروع والأصول، فإنما اعتبرناه من فروع لا نَصّ ولا إجماعَ فيها.

فأما ما أجمعت الأمة [عليه] (١)، أو ورد فيه خبر يوجب العلم، فإنه يكون بعد استقرار الشَّريعة أصلًا بنفسه يأثم المخالف فيه، وينقضي عليه حكمه، ولا يعتبر في مثله خلاف أهل الأهواء، وربما أورثهم خلافهم الكُفْر كخلاف المَيْمُونِيَّة من الخوارج في تحريم بَنَاتِ البنات وبنات أولاد الإخوة والأخوات.

وخلاف الخوارج في سقوط الرّجم، وخلاف من أسقط منهم حَدّ الخمر، ونحو ذلك.

قال البَغَوِيّ في أوائل "التهذيب": الإجماع نوعان:

أحدهما: خاص.

والثاني: عام.

فالعام: إجماع الأمة على ما يعرفه الخاصُّ والعامّ، كإجماعهم على أعداد الصلوات والركعات، ووجوب الزكاة والصَّوم والحج، يكفر جَاحِدُه، وإن كان أمرًا لا يعرفه إلا الخَواصّ كإجماعهم على بطلان نكاح المُتْعة، وأن لبنت الابن السُّدس مع البنت الواحدة من الصّلب، فلا يكفر جاحده، ويُبَيَّن له الحقُّ.

ومن الإجماع الخاص: أن يجمع العلماء من أهل عصر على حكم حادثة. إما قولًا، وإما فعلًا، فهو حجة لكن لا يكفر جاحده، بل يخطأ ويدعي إلى الحق ولا مساغ فيه لاجتهاد. انتهى.

وما ذكره آخرًا ظاهر؛ لأن هذا الإجماع، وانتهاضه حُجَّة إذا قيل به ظني، فلا يكفر قطعًا.

والمسألة مصوّرة بمنكر حكم الإجماع القطعي، ولكن حكى الإمام الأستاذ أبو إسحاق فيه خلافًا قَدَّمناه فيمن جحد مجمعًا عليه غير معلوم بالضرورة، هل يكفر؟

فقال: فيه وجهان مبنيان (٢) على أن ما أجمع عليه الخاصَّةُ والعامة، هل العامة مقصودة فيه أو تابعة؟ فيه وجهان.


(١) سقط في أ، ح.
(٢) في أ، ح: مثبتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>