للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فعلى الأول: لا يكفر؛ لأنه لم يخالف جميع المقصودين في الإجماع، وعلى الثَّاني يكفر، وهو اختيار الأستاذ أبى إسْحاق.

قلت: وفيه نظر، والظاهر أن مراده ما أجمع عليه الخاصَّة، وهو مشهور، ولكن لم ينته إلى درجة المَعْلُوم بالضرورة، وهذا بخلاف الذي سنذكر عن النَّووي حكايته، أما غير المشهور فلا وجه إلا عدم التكفير جزمًا.

قال الرَّافعيُّ فيمن ترك الصَّلاة جاحدًا لوجوبها: إنه مرتد إلَّا أن يكون قَرِيبَ عهد بالإسلام يجوز أن يخفى عليه ذلك، قال: وهذا لا يختصّ بالصَّلاة، بل يجري في جحود كل حكم مجمع عليه.

قال النَّوَوي: وليس على إطلاقه، بل من جحد مجمعًا عليه فيه نصُّ وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخَاصّ والعام، كالصلاة، والزكاة، والحج، والزِّنا (١) والخَمْر فهو كافرٌ، ومن جحد مجمعًا عليه لا يعرفه إلا الخواصّ فليس بكافر، ومن جحد مجمعًا عليه ظاهرًا لا نصّ فيه ففي الحكم بتكفيره خلاف، وصحَّح في باب الرِّدَّة من الخلاف القول بالتكفير.

وقال ابن السَّمْعَاني: الإجماع على ضربين:

أحدهما: يكفر مخالفه متعمدًا، وهو الإجماع على الشَّيء الذي يشترك الخَاصَّةُ والعَامَّةُ في معرفته، كأعداد الصَّلوات وركعاتها، والحج والصّيام وزمانهما، وتحريم الخَمْرِ والزِّنا (٢) والسرقة،


(١) في أ، ح: الربا.
(٢) الزنا يُمَدُّ ويقصر: مصدر زَنَى الرَّجُلْ يَزني زِنًا وزِنَاءً: فَجَر، وزنت المرأةُ تزني زنًا وزِنَاءً: فَجَرَتْ. وزاني مُزَانَاةً وَزِنَاءً، والمرأةُ تُزانِي مُزَانَاةً وَزِنَاءً أَي: تُبَاغِي وهو بالقصر لغة أهلِ الحجاز. قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ بالقصر، ولِوُقُوع الألف ثالثة قُلِبَتْ يَاءً، والنسبة إليه زِنوِيٌّ. وبالمدّ لغة أهل نجد، وبني تميم، وأنشد: [البسيط]
أَمَّا الزِّنَاءُ فَإِنِّي لَسْتُ قَارِبهُ … وَالمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْخَمْرِ نِصْفَانِ
وقال الفَرَزْدَقُ: [الطويل]
أَبَا حَاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِنَاؤُهُ … وَمَنْ يشرَبِ الْخُرْطُوْمَ يُصْبِحُ مُسْكِرًا
والنسبة إليه زِنَائِيٌّ، وزنَّاه: نسبه إلى الزنا. وهو ابنُ زِنية بالفتح، والكسر أي ابْنُ زِنَا. ومعناه في كل ما تقدم الفجور. وأما زَنَى الموضع زُنُوًّا فمعناه ضاق. ووعاء زَنِيٌّ أي ضيق. والاسم منه الزَّناءُ بفتح=

<<  <  ج: ص:  >  >>