ينظر: الجمل على المنهج ٥/ ١٢٨، ومغني المحتاج ٤/ ١٤٣. (١) وقد اختلف العلماء في الجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها. فذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء إلى القول بحرمة الجمع بينهما، وعلى ذلك فمن كان تحته امرأة وعقد على عمتها أو خالتها كان النكاح فاسدًا يجب فسخه مطلقًا. وذهبت الرافضة، والخوارج، وبعض الشيعة، وعثمان البتِّي إلى القول بجواز الجمع بين المرأة، وعمتها، أو خالتها، وعليه فمن كان عنده امرأة، ثم عقد على عمتها، أو خالتها كان النكاح صحيحًا. استدل الخوارج والروافض بقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ووجه الدلالة من الآية الكريمة، أنهم قالوا: إن الله ﷾ لم يذكر في التحريم بالجمع إلا الجمع بين الأختين، ثم قال: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ فدخلت المرأة وعمتها أو خالتها فيما أحل الله، وإذا حلت المرأة على عمتها، أو خالتها، فيكون نكاحها عليها صحيحًا. يقال لهم في هذا الدليل: إن قولكم بأن قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ عام يشمل المرأة على عمتها، أو خالتها غير صحيح؛ لأن العموم في الآية مخصص بالأحاديث الصحيحة المشهورة التي تلقتها الأمة بالقبول. وأما الجمهور فقد استدلوا بالسنة والمعقول. أما السنة: فأولًا: ما روى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلا بَيْن الْمَرْأةِ وَخَالَتِهَا" ووجه الدلالة من هذا الحديث أن الرسول ﷺ نهى عن الجمع بين المرأة، وعمتها، وبين المرأة، وخالتها بقوله: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا" الحديث، وهو خبر لفظًا نهيٌ معنى، فيكون الجمع بينهما حرامًا، حيث حرم الجمع، فلو نكحهما معًا بَطَلَ نكاحهما، وإن نكحهما مرتبًا بطل نكاح الثانية؛ لأن الجمع حصل بها. ثانيًا: ما روي أن النبيّ ﷺ قال: "لا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلا عَلَى خَالَتِهَا وَلا عَلَى بنتِ أَخِيهَا وَلا عَلَى بنتِ أُخْتِهَا" وفي بعض الروايات: "لا الصُّغرَى عَلَى الكُبْرَى وَلا الكُبرَى عَلَىَ الصُّغرَى" فهذه الأحاديث بلغت حد الشهرة، وتلقتها الأمة بالقبول، وهي من الأخبار الموجبة للعلم والعمل؛ فوجب استعمال حكمها مع الآية، فيكون قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ مستعملًا فيما عدا الأختين، وعدا من بيَّن النبيّ ﷺ تحريم الجمع بينهن، ولما كانت الأحاديث لا يعلم تاريخ =