وأما المعقول، فقد قالوا: إن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها يفضى إلى القطيعة والقرابة المحرمة للنكاح، وإنما كانت محرمة لإفضائها إلى القطيعة فيكون حرامًا؛ لأن المفضى إلى الحرام حرام. وحيث بَطَلَ دليل المخالفين، وثبتت أدلة الجمهور ترجح لنا مذهبهم، وهو حرمة نكاح المرأة على عمتها أو خالتها، وأنه إذا وقع، فالنكاح فاسد واجب الفسخ. (١) واختلف في القتل المانع من الإرث، فعندنا معاشر الشافعية: لا يرث من له مدخل في القتل ولو كان بحق، كمقتص، وإمام، وقاض، وجلاد بأمرهما أو أحدهما، سواء أكان مباشرًا أم متسببًا، بالاختيار أم بالإكراه، لكنهم رجحوا في صورة: من حفر بئرًا في ملكه فقتل فيه مورثه، وكذا من وضع حجرًا أو نصب ميزابًا في ملكه أو بنى حائطًا في ملكه، فمات المورث بسببها - رجحوا في هذه الصورة الإرث؛ لأنه لم يتعد فيها. أما إذا تعدى بأن حفر بئرًا في الطريق فإنه لا يرث إذا مات بها مورثه - هذا إذا كان التسبب قريبًا، بخلاف ما إذا كان بعيدًا كان أحبل الزوج زوجته فماتت بالولادة فإنه يرث. وإن كان له تسبب في موتها بالإحبال - لكنه بعيد - ولأن الوطء من باب الاستمتاع، ومن شأنه ألا يتسبب إليه قتل. هذا والقتل يشمل المقصود كما تقدم وغير المقصود كقتل النائم والمجنون والصبي وغيرهم؛ فلا يرث واحد منهم من قتله. وأما حديث "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" فلا يرد علينا؛ لأن المرفوع هنا إنما هو قلم التكليف، ولا تعلق له بالإرث. وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال بإرث القاتل إذا كان صبيًا أو مجنونًا؛ لارتفاع القلم عنهما. وعندنا: لا إرث لمن له دخل في القتل، سواء أقصد به مصلحة كضرب الأب ابنه للتأديب فيموت بسببه وربطه الجرح للمعالجة أم لا. قال ﷺ: "ليس للقاتل من الميراث شيء" أي ليس لمن له مدخل في القتل شيء من الإرث. وأما السادة الحنفية فيقولون: إن القتل المانع من الإرث هو ما يتعلق به وجوب القصاص أو الكفارة، فالذي يوجب القصاص هو العمد. وما يوجب الكفارة إما شبه العمد وإما الخطأ - وموجبهما الكفارة والدية على العاقلة، ولا إثم فيه، ويحرم القاتل الميراث في هذه الصور كلها. هذا إذا كان القتل بغير حق - أما لو قتل مورثه قصاصًا أو حدًا أو دفعًا عن نفسه فلا يحرم الميراث، وكذا إذا تسبب في القتل ولم يباشره مطلقًا، سواء أكان في تسببه متعديًا أم لا. واعترض على الحنفية في قصر المانع على القتل الموجب للقصاص أو الكفارة بما إذا قتل الأب ابنه عمدًا، فإنه لم يثبت به قصاص ولا كفارة مع أنه محروم اتفاقًا. =