للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مجراها يكفر، وهو مجمع عليه؛ لكن لا لأنه مجمع عليه؛ بل لأنه معلوم بالضرورة أنه من دين محمد ، وإنما قيدنا بالإجماع القطعي؛ لأنَّ جاحد حكم الإجماع الظني، لا يكفر وفاقًا. انتهى.

وهي عبارة سديدةٌ مُنْبِئَةٌ عن الغرض (١)، ولم يحك إلا مذهبين كما هو المعروف.

وعندي أن أمْتَنَ كلام في المسألة، وأقربه إلى ما مهدناه - كلام إمام الحرمين في "البرهان"، حيث قال: من اعترف بالإجماع، وأقر بصدق المجمعين في النقل، ثم أنكر ما أجمعوا عليه كان هذا التكذيب آيلًا إلى تكذيب الشَّارع.

ومن كذب الشَّارع كَفَرَ، والقول الضَّابط فبه: أن من أنكر طريقًا في ثبوت الشَّرع لم يكفر، ومن اعترف بكون الشَّيء من الشرع، ثم جحده كان منكرًا للشرع، وإنكار بعضه، كإنكار كله. انتهى.

وهو جامع لما اخترناه، ونختم المسألة لإشكال واحد، فنقول: قد عرف أن منكر المجمع عليه لا يكفر.

من حيث إنه مجمع عليه، وأن بعضهم قال: يكفر إذا عرف أنه مجمع عليه، وكان معترفًا بأن المجمعين لا يجمعون على باطلٍ؛ لأنه آيِلٌ إلى تكذيب الشَّارع.

ولقائل أن يقول: إذا أقرّ بصدق المجمعين في النَّقل، وكان ذلك عقده ومضمره، فكيف يتصوّر منه إنكار ما أجمعوا عليه، وأنى يجتمعان؟ فإن أريد لإنكاره بعد ذلك إنكار أصل أن الإجماع حجة، فذلك لا يقتضي التَّكفير كما سلف، ولعله كان يذهب إلى أنه حجة، ثم تغير رأيه، وطريان البِدْعَةِ، والضلالة لا يوجب كفرًا.

وإن أريد أن قوله: ليس هذا من الشرع مع اعتقاده أنه من الشرع إساءة على الشرع توجب تكفيره، وإن لم يكن معها اعتقاد، كمن يلقي المصحف في القَاذُورَاتِ فذلك بعيد؛ إذ [لا] (٢) إساءة (٣) في هذا، بخلاف ملقي المصحف.


(١) في ح: المفروض.
(٢) سقط في أ، ح.
(٣) في حاشية ج: قوله "إذ لا إساءة … إلخ" قد يقال: إن تصديقه مع الإنكار لا يعتد به، كمن اعترف بوجود الإله وأنكره عنادًا، كمن قال الله فيهم: (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) لأن الحاصل عنده حينئذٍ ليس بتصديق، بل هو نوع من التصور يقال له: المعرفة كما بينه عبد الحكيم في حواشي القطب. تأمل!.

<<  <  ج: ص:  >  >>