وما من أحد يعلم ما كان سيبلغه الإسلام من سعة الانتشار، وقوة الرسوخ، ولا ما كانت ستبلغه الدولة الإسلامية من شَأْوِ العظمة، وسطوة السلطان لو سارت الأمور على خلاف ما سارت عليه نتيجة لذلك التحول الكبير. وهذا بعض ما حدث في "سقيفة بني ساعدة": قال ابن إسحاق في السيرة: لما توفي رسول الله ﷺ قام عمر بن الخطاب ﵁ فقال: إن رجالًا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ﷺ قد توفي، وأن رسول الله ﷺ والله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران - فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل: قد مات، والله ليرجعنَّ رسول الله ﷺ كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجالٍ وأرجلهم زعموا أن رسول الله ﷺ مات. وروى محمد بن إسماعيل البخاري ﵀ في "صحيحه" عن أبي سلمة: أن عائشة - زوج النبيّ ﷺ أخبرته قالت: أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسُّنح حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم النبي ﷺ وهو مُسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكَبَّ عليه فقبله وبكى، ثم قال، بأبي أنت يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين أبدًا، أما الموتةُ التي كتبت عليك فقد مُتَّها. =