للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَاحِظُ: إمَّا مُطَابِقٌ مَعَ الاِعْتِقَادِ وَنفيِهِ، أَوْ لَا مُطَابِقَ مَعَ الاِعْتِقَادِ وَنَفْيهِ: فَالثانِي فِيهِمَا لَيْسَ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ، لِقَوْلهِ تَعَالَى: ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبأ: ٨]، وَالْمُرَادُ الْحَصْر، فَلَا يَكُونُ صِدْقًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَهُ.

الأول: الصدق.

والثَّاني: الكذب.

وادَّعى "الجاحظ" (١): أنه ثلاثة أقسام: صدق، وكذب، وما ليس بصدق ولا كذب فقال: "إما مطابق مع الاعتقاد"، [لكونه مطابقًا، "ونفيه" - أي: نفي الاعتقاد، لكونه مطابقًا، "أو لا مُطَابق مع الاعتقاد] " (٢) لعدم المُطَابقة "ونفيه، فالثاني فيهما" - هو ما لا اعتقاد معه سواء أكان (٣) مطابقًا (٤)، أم لا، "ليس بصدق ولا كذب"، محتجًّا مستندًا "لقوله تعالى: ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبأ: ٨].

"والمراد: الحَصْر" في الافتراء والجنون، ضرورة عدم اعترافهم بصدقه، فعلى تقدير كونه كلام مجنون "لا يكون صدقًا؛ لأنهم لا يعتقدون" صدقه ولا كذبه؛ لأنه قسيم الكذب على ما زعموا، فثبتت الوَاسِطَةُ بين الصّدق والكذب.

"وأجيب: بأن المعنى: افترى" على الله كذبًا، "أم لم يفتر فيكون مجنونًا؛ لأن المجنون لا


= ٢/ ٥٤٤، وشرح العضد ٢/ ٥٠، وشرح الكوكب ٢/ ٣٠٩، والمحصول ٢/ ١/ ٣١٨، وشرح التنقيح ٣٤٧، وحاشية البناني ٢/ ١١٠، والمسودة (٢٣٢)، وإرشاد الفحول (٤٤)، وتيسير التحرير ٣/ ٢٨، وفواتح الرحموت ٢/ ٧.
(١) عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ، ولد بـ "البصرة" سنة ١٦٣ هـ، كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرفة الجاحظية من المعتزلة فلج في آخر عمره، وكان مشوّه الخلقة، له تصانيف كثيرة منها: "الحيوان" و"البيان والتبيين" و"ذم القواد" وغيرها. مات سنة ٢٥٥ هـ بـ "البصرة" والكتاب على صدره، قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه. ينظر: إرشاد الأريب ٦/ ٥٦ - ٨٠، والوفيات ١/ ٣٨٨، وأمراء البيان ٣١١ - ٤٨٧، وآداب اللغة ٢/ ١٦٧، ولسان الميزان ٤/ ٣٥٥، وتاريخ بغداد ١٢/ ٢١٢، والأعلام ٥/ ٧٤.
(٢) سقط في ت.
(٣) في ب، ت: كان.
(٤) في حاشية ج: قوله: سواء كان مطابقًا أو لا، سواء كان مع اعتقاد اللامطابقة أو لا، فهي أربعة أقسام مع الاثنين الأوليين، فأقسامه ستة.

<<  <  ج: ص:  >  >>