الخبر "علم" من حال المُخْبرين؛ "أنهم لا حامل لهم" على الكَذِب؛ "لأنه مفتقرٌ إلى سبق علم ذلك، فالعلم بالصدق" في المُتَواتر "ضروري"، لا نظري.
وأما صورة التَّرْتيب في المقدّمتين، فإنها ممكنةٌ في كل ضروري، ولا يلزم من ذلك كونه نظريًّا.
وذلك كقولنا: الاثنان نصف الأربعة؛ لانقسام الأربعة إليهما وإلى ما يساويهما، وكل عدد انقسم إلى عدد آخر وإلى ما يساويه، وكل واحد من ذينك القسمين نصف ذلك العدد، وقس عليه فلا تتخيلن أن وجدان صورة الترتيب يستلزم النَّظر؛ لأنا أريناكها حيث يتضح الضروري.
والحاصل: أن العلم بالصدق ضروري يحصل بالعادة لا بالمقدمتين، فاستغنى عن الترتيب، وإلا تنافيه صورة الترتيب.
والحقُّ: أن المقدمتين لا بُدَّ منهما بالمعنى الذي ذكره الغَزَالي، فإن أراد أبو الحسين بالافتقار ما ذكره فحق، وإلا فواضح البطلان.
"قالوا: لو كان ضروريًّا لعلم أنه ضروري ضرورة"؛ لأن حصول العلم الضروري للعالم (١) مع عدم شعوره به محال.
"قلنا": الجواب بالمعارضة وبالحل فنقول: "معارض بمثله"، وبأن يقال: لو كان نظريًّا لعلم أنه نظري ضرورة؛ لأن حصول العِلم النَّظري مع انتفاء الشعور به محال.
"و" الحل: أنه "لا يلزم منه الشُّعور بالعلم" بالشَّيء "ضرورة" العلم "بصفته" - أي: بصفة العلم به، وكون العلم ضروريًّا صفة له كما أن كونه نظريًّا صفة له، فلا يلزم من العلم بالمتواتر العلم بكونه ضروريًّا؛ إذ لا يلزم من العلم بالشيء العلم بصفته.