للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَ عِيسَى إِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ خَلْقٍ فَقَدْ نُقِلَ قَطْعًا، وَكَذلِكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال في موضع آخر في الكلام على الجمع بين روايتي ابن مسعود والجمع بين قول ابن مسعود: تارة بـ "منى" وتارة بـ "مكة" إمَّا باعتبار التعدد إن ثبت، وإمّا بالحمل على أنه كان بمنى ومن قال: كان بمكة لا ينافيه؛ لأن من كان بمنى كان بمكة من غير عكس، ويؤيده أن الرواية التي فيها بمنى قال فيها: "ونحن بـ "منى"، والرواية التي فيها "مكة" لم يقل فيها: ونحن، وإنما قال: "انشق بمكة" يعني أن الانشقاق كان وهم بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة، وقول ابن مسعود : انشق القمر نصفين نصفًا على أبي قبيس ونصفًا على قعيقعان وأن لفظ السويد قال الحافظ: كان ليلتئذ بمكة، وعلى تقدير تصريحه فمنى من جملة مكة فلا تعارض، وقد وقع عند الطبراني من طريق زر بن حبيش عن ابن مسعود قال: "انشق القمر بـ "مكة" فرأيته فرقتين"، وفي لفظ "السويداء" قال الحافظ: يحتمل أن يكون رآه كذلك وهو بـ "منى" كأن يكون على جبل مرتفع بحيث رأى طرف جبل أبي قبيس، قال: ويحتمل أن يكون القمر استمر منشقًا حتى رجع ابن مسعود من منى إلى مكة فرآه كذلك، وفيه بُعْد، والذي يقتضيه غالب الروايات أن الانشقاق كان قرب غروبه، يؤيد ذلك إسنادهم الرواية إلى جهة الجبل. ثم قال الحافظ: ويحتمل أن يكون الانشقاق وقع أول طلوعه؛ فإن في بعض الروايات أن ذلك كان ليلة البدر، أو التعبير بأبي قبيس من تغيير الرواة؛ لأن الفرض ثبوت رؤيته منشقًا إحدى الشقتين على جبل، والأخرى على جبل آخر، ولا يغير ذلك قول الراوي الآخر: "رأيْتُ الجبل بينهما" أي بين الفرقتين؛ لأنه إذا ذهبت فرقة عن يمين الجبل وفرقة عن يساره مثلًا صدق أن بينهما أي جبل آخر كان من جهة يمينه أو يساره صدق أنَّها عليه أيضًا.
قال: وقد أنكر جمهور الفلاسفة انشقاق القمر متمسكين أن الآيات العلوية لا يتهيأ فيها الانخراق والالتئام، وكذا قالوا في فتح أبواب السّماء ليلة الإسراء إلى غير ذلك من إنكارهم ما يكون يوم القيامة من تكوير الشمس وغير ذلك، وجواب هؤلاء إنْ كانوا كفارًا أن يناظروا أولًا على ثبوت دين الإسلام ثم يشركوا مع غيرهم ممن أنكر ذلك من المسلمين، ومتى سلم المسلم بعض ذلك دون بعض ألزم التناقض، ولا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن من الانخراق والالتئام في القيامة، فيستلزم جواز وقوع ذلك معجزة للنبي ، فقد أجاب القدماء عن ذلك فقال أبو إسحاق الزجاج في المعاني: أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر، ولا إنكار للعقل فيه؛ لأن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء كما يكوره يوم البعث ويفنيه. وأما قول بعضهم: لو وقع لجاء متواترًا واشترك أهل الأرض في معرفته ولما اختص بها أهل مكة، فصوابه أن ذلك وقع ليلًا وأكثر الناس نيام، وقل من يراصد السماء إلا النادر، وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكشف القمر وتبدو الكواكب العظام وغير ذلك في الليل، ولا يشاهدها إلا الآحاد؛ فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا، فلم يتأهب غيرهم لها. قال: ذهب بعض أهل العلم من القدماء إلى أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>