للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَجِيبَ: إِنَّمَا أَنكَرُوا عِنْدَ الاِرْتِيَابِ.

قَالُوا: لَعَلَّهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ.

"قالوا: لعلَّها" أي: الأخبار التي عملوا بها "أخبار مخصوصة"، ولا يلزم من قَبُولها قَبُول خبر الواحد مطلقًا.

"قلنا: نقطع بأنهم عملوا لظهورها، لا لخصوصها".

ونرى ذلك أوضح من النهار، فقد انتهض الإجماع قاطعًا على خبر الواحد، فلن يمتري [فيه] (١)، [ثم] (٢) إنه انقرض عصر الصحابة الَّذِين هم عصابة الحَق على العمل بخبر الواحد، وأنهم كانوا ما بين عامل به، وراضٍ بالعمل مسلم له، وأنت متى حَدّقت النظر في كتب المُحَدّثين والفقهاء - حصلت من ذلك على يقين عظيم، وانشرح صدرك لذلك.

وكما انقرض عَصْرهم عليه، ولم يشبه خلاف انقرض عليه أيضًا عصر السَّلف الصَّالح التَّابعين، ومن لحق بهم.

قال الشَّافعي : وجدنا علي بن الحُسَين يعوّل على أخبار الآحاد (٣).

وكذلك محمد بن علي، ونافع بن جُبَير، وحارثة بن زيد، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يَسار.

ولذلك كان حال طاوس، ومجاهد، وابن المسيب، وفقهاء الأَمْصَار في جميع الأَعْصَار إلى زمان ظهور خارق الإِجماع (٤) لمخالفته، ومبدى العقوق [بمُشَاققته] (٥).

"وأيضًا": السُّنة، فقد قام "التَّواتُر؛ أنه كان ينفذ الآحاد إلى النواحي لتبليغ الأحكام"، فلو لم يقبل خبرهم لم يكن لإرسالهم معنى.


(١) بياض في ب، ت، وفي هامش أ: لعله أحد.
(٢) سقط في ح.
(٣) ينظر: الرسالة ص ٤٥٥، وما بعدها.
(٤) في حاشية ج: قوله: خارق الإجماع … إلخ يفيد الإجماع على العمل به كما أنه متواتر تواترًا معنويًا كما تقدم.
(٥) في ح ت مشافقته، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>