للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنَا: نَقْطَعُ بأَنَّهُمْ عَمِلُوا لِظُهُورِهَا لا لِخُصُوصِهَا، وَأَيْضًا التَّوَاتُرُ أَنّهُ كَانَ يُنْفِذُ الآحَادَ إِلَى النَّوَاحِي، لِتبلِيغِ الأَحْكَامِ.

واسْتُدِلَّ بِظَوَاهِرِ مِثْلِ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ﴾ إلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُمْ …

وهذا الدليل نبَّه عليه الشافعيُّ .

واعترض الآمدي بأنا [لا] (١) نسلّم أنه كان ينفذ الآحاد، ولكن لم قلتم: إن ذلك لتبليغ الأخبار التي هي مَدَارك الأحكام؛ وإنما كان من ذلك لأخذ [الزّكوات] (٢)، والفُتْيا ونحوهما.

سَلّمنا: أنه لما ذكرتم، ولكن جاز أنه يكون ثَمَّ قرينة تصيّر الخبر قطعًا، فليس العمل إذ ذاك بمجرد خبر الواحد.

وهذا تشكيك مدفوع، فلا يشك ناقل أن الرسل كانت تذهب لتبليغ الأحكام وغيرها، وأنّ سامع أخبارهم كان يتلقَّاها بالقَبُول غير ملتفتٍ إلى ما يعضد الخبر من قرينة، أو غيرها، ولقد أجاد المصنف في اعتماده على السُّنة والإجماع، فهي طريقة الحُذَّاق: الشَّافعي، والقاضي، وإمام الحرمين، والغزالي، وغيرهم ، ونحن نراها مسلكًا قاطعًا وبرهانًا [نيرًا] (٣).

واعتمد ابن السَّمعاني على مسلك ادّعى فيه القطع؛ وهو قوله تعالى: ﴿(٦٦) يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: ٦٧].

وكان رسولًا إلى جميع الخلائق، ويجب عليه تبليغهم بما تنتهي إليه القدرة، ولو لم يقبل خبر الوَاحِد لتعذَّر إبلاغ الشريعة إلى كل الخَلْقِ، ضرورة خطاب جميع أهل الأرض شفاهًا، وإرسالك عدد التَّوَاتر إليهم.

وللآمدي على هذا أيضًا اعتراض فيه نظر.

والمسلك حسن، ولكنه عندى غير بالغ مبلغ القَوَاطع.

الشرح: "واستدلّ بظواهر مثل: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ﴾ [التوبة: ١٢٢]، لقوله:


(١) سقط في ب، ت.
(٢) في ب: الزكاة.
(٣) في أ، ت: تبرأ، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>