للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ ﴿التوبة: ١٢٢]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩]، ﴿إِنَّ

﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [سورة التوبة: الآية ١٢٢]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية ١٧٤]، ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ﴾ [سورة الحجرات: الآية ٦] ".

"وفيه" أي: في الاستدلال بهذه الآيات "بعد"؛ أن قصاراها إفادة الظَّن، وهو لا يفيد في هذه المسألة.

ولك أن تقول: أما أن كُلّ آية على حدتها لا تنتهي إلى أكثر من الظَّن فمسلّم، ولكن لم قلتم: إنه لا يحصل القَطْع من المجموع، والآيات المذكورة في هذا كثيرة؟ اقتصر المصنّف منها على ما أورده، فنقول: أما بقوله تعالى:

﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [سورة التوبة: الآية ١٢٢]- فوجه الحُجّة منه أنه أوجب الحَذَرَ بإنذار طائفة من كلّ فرقة، وأقلّ الفرقة ثلاثة على أعلى القولين، فهي إما واحد أو اثنان.

والإنذار: الخبر المخوف، فحيث [أخبرت] (١) طائفة بخبرٍ مخوف، وجب به الحَذَرُ.

وإنما قُلْنا: إن أوجب الحذر لقوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [سورة التوبة: الآية ١٢٢]؛ فإن لفظ "لعل" للترجى، وهو مستحيل في حق الله - تعالى - فحصل (٢) على الطَّلب الذي هو لازم التَّرجى.

فإن قلت: هذا مبنى على أن المتفقّهين هم الطائفة النَّافرة حتى يكون الضَّمير في قوله: " ﴿لِيَتَفَقَّهُوا﴾ "، " ﴿وَلِيُنْذِرُوا﴾ " - راجعًا إليها، وهو قول بعض المفسّرين.

وأظهر القولين في التّفسير: أنَّ المتفقّهين هم المُقِيمون لينذروا [النَّافرين] (٣) إذا عادوا إليهم؛ لأن النبي بعد ما نزل الوعيد الشَّديد في حَقّ المتخلفين عن غزوة "تَبُوك" - كان إذا بعث جيشًا أسرع المؤمنون إلى النَّفِيرِ، فأمرهم الله - تعالى - أن ينفر من كلّ فرقة طائفة، ويتخلّف بعضها عند رسول الله لسماع الشرع منه ونقله إلى إخوانهم إذا رجعوا من سفرهم إليهم، وتقدير الآية حينئذ - والله أعلم - ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [سورة


(١) في أ: أخرت.
(٢) في حاشية ج: قوله: فحمل على الطلب … إلخ وهو لطف من الله تعالى حيث طلب بما أصله الترجي. تدبر.
(٣) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>