للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾ [سورة الحجرات: الآية ٦] وَفِيهِ بُعْدٌ.

التوبة: الآية ١٢٢]، خشية ألّا يبقى عند النبي أحد؛ فيفوت المقصود من نقل الشَّرع عنه، فهلا نفرت من كل فرقة منهم ليحصل [المقصدان] (١): غزو النّافرين، وتَفَقُّه الحاضرين.

وإذا كان هذا معنى الآية فلا دليلَ فيها؛ إذ المعنى: ليتفقه الحاضرون، وهم عدد كثير يحصل العلم بخبرهم.

قلت: كذا أوردناه في "شرح المِنْهَاج" (٢) ولكنّى أقول هنا: قضيّة قولك: لينذر الحاضرون المسافرين أن كلّ حاضر يُنْذر كلّ مسافر؛ لأنّ هذا معنى العموم الذي مَدْلوله كُلّية، لا كُلّ، على ما تقرّر في مكانه.

وإذًا يجب الحَذَرُ بإنذار كلّ حاضر، وإن لم يصاحبه غيره.

فإن قلت: غاية الأمر أنه - تعالى - أمر كل واحد بالإخبار، وهذا لا يتضمّن وجوب قبول المنذرين خبره والعمل به، وكم في الشَّريعة من حكم يختلف في مثل هذا، والشَّاهد إذا تعيَّنت عليه شَهَادة يجب أداؤها، ولم يجز للحاكم قبولها منه حتى ينضم إليه آخر، والمحارب إذا طلب المال، وخاف المطلوب من القَتْلِ - وجب بَذْلُ المال عليه، ويحرم على المحارب قبوله منه.

والرشوة إذا كانت للوصول إلى الحق حَرَام على المُرْتشِي دون الرَّاشي (٣).


(١) في ب: القصدان.
(٢) ينظر: الإبهاج ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٣) وأما مذهب السادة الحنفية قال في فتاوى قاضيخان: وإذا ارتشى ولد القاضي أو كاتبه أو بعض أعوانه ليعين الراشي عند القاضي ففعل إن لم يعلم القاضي بذلك نفذ قضاؤه، وكان على المرتشي رد ما قبض، وإن علم بذلك القاضي كان قضاؤه مردودًا. وإذا تقلد القضاء بالرشوة لا يصير قاضيًا، وتكون الرشوة حرامًا على الراشي وعلى الآخذ. ثم الرشوة على وجوه أربع منها: ما هو حرام من الجانبين أحدها هذه.
والثاني: إذا دفع الرشوة إلى القاضي ليقضي له، وهذه الرشوة حرام من الجانبين سواء كان القضاء بحق أو بغير حق.
ومنها: إذا دفع الرشوة لخوف على نفسه أو ماله فهذه الرشوة حرام على الآخذ وغير حرام على الدافع، وكذا إذا طمع في ماله فرشاه ببعض ماله.
ومنها: إذا دفع الرشوة ليسوي أمره عند السلطان، فأحل له الدفع، ولا يحل للآخذ أن يأخذها، فإن أراد أن يحل للآخذ يستأجر الآخذ يومًا إلى الليل بما يريد أن يدفع؛ فإنه تجوز =

<<  <  ج: ص:  >  >>