للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= هذه الإجارة، ثم المستأجر إن شاء استعمله في هذا العمل وإن شاء استعمله في عمل غيره. هذا إذا أعطي الرشوة أوّلا ليسوي أمره عند السلطان، وإن طلب منه أن يسوي أمره ولم يذكر الرشوة، ثم أعطاه بعدما سوى اختلفوا فيه، قال بعضهم: لا يحل له أن يأخذ. وقال بعضهم: يحل. وهو الصحيح؛ لأنه يراه مجازاة الإحسان فيحل له كما لو جمعوا للإمام والمؤذن شيئًا وأعطوه من غير شرط كان حسنًا.
وقال في الفتاوى البزازية: القاضي لا يقبل هدية الأجنبي والقريب إلا من كان يهدي قبله، وإن زاد يرد الزيادة، إلا أن تكون خصومة فلا يقبل منه أيضًا، فإن قبل وأمكنه الرد رد، وإلا وضع في بيت المال، وكذا في كل موضع ليس له القبول، وإن كان يتأذى به المعطى أخذه ورد عليه قيمته، فإن قضي ثم ارتشى أو عكس لا ينفذ، وإن تاب ورد المأخوذ فهو على قضائه؛ لأنه بالفسق لا ينعزل.
والهدايا ثلاث: حلال من الجانبين للتودد وحرام منهما، وهو الإهداء للإعانة على الظلم، وحرام من جانب، وهو الإهداء لكشف الظلم عنه، فهو حرام على الآخذ حلال للمعطي.
وأما مذهب السادة الشافعية، فقال ابن الرفعة في كفاية النبيه شرح التنبيه عند قوله: ولا يجوز للقاضي أن يرتشي؛ لما روى أبو بكر بن المنذر عن أبي هريرة قال: (لعن رسول الله الراشي والمرتشي)، أخرجه ابن ماجة، وروى ثوبان عن النبيّ قال: (لعن اللّه الراشي والرائش الذي يمشى بينهما) وروى أنس نحوه. ولأنه إن أخذ ليحكم بغير الحق حرام، والأخذ عليه حرام.
وإن أخذ على إيقاف الحكم فهو يلزمه الحكم لمن وجب له، فتركه حرام، وإن أخذ على أن يحكم بالحق فليس له أن يأخذ الرزق على ذلك من الإمام، فليس له أن يأخذ عليه عوضًا آخر.
أما دفع الرشا فهل يجوز؟ قال الأصحاب كما حكاه أبو الطيب الماوردي وابن الصباغ: إن كان يطلب بها دفع الحكم بغير الحق أو إيقاف الحكم بالحق حرم عليه، وإن كان يطلب بها وصولًا إلى حقه لم يحرم عليه وإن كان حرامًا على غيره، كما لا يحرم أن يفك الأسير بماله قال في المرشد: ويحمل لعنة الراشي والمرتشي على ما إذا قصد بها إيقاف الحكم بالباطل؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ والمتوسط بينهما هو تابع لموكله منهما، فإن توكل عنهما كان فعله حرامًا. وهذا الكلام من الأصحاب يدل على أن الرشوة تكون لطلب حق ولطلب باطل، وقد حكى عن ابن كج أنه قال: الرشوة عطية بشرط أن يحكم له بغير حق، والهدية عطية مطلقة، وكلام الماوردي يخالفه؛ فإنه قال: الرشوة ما تقدمت الحاجة، والهدية ما تأخرت، والذي حكاه الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء منطبق =

<<  <  ج: ص:  >  >>