قال القاضي أبو الطيب رحمه الله تعالى في تعليقه، وكذا الشيخ أبو حامد: إن تحريم أخذ الرشوة على الحاكم إذا كان له رزق من بيت المال، فأما إذا لم يكن له رزق - أي وكان ممن يجوز أن يفرض فقال للمتحاكمين: لست أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقًا عليه، فإنه حينئذ يحل له ذلك، وعلى ذلك جرى الجرجاني ﵀ في التحرير. قال ابن الصباغ: ويجوز مثل ذلك؛ لأنه لم يذكر أنه طلبه من أحدهما. وأما مذهب السادة المالكية فقال في مختصر خليل وشرحه لتلميذه بهرام: (وحرم) يعني طلب القضاء لجاهل وقاصد دنيا؛ لأن الجاهل ربما أداه جهله إلى مخالفة ما هو متفق عليه، والوقوع في الأمور المعضلة، وطالب الدنيا ربما أداه ذلك إلى الحيف لتحصيل غرضه الفاسد. قال: ولا يحضر يعني القاضي من الولائم إلا وليمة النكاح خاصة ثم إن شاء أكل أو ترك من غير كراهة، وإن كانت الوليمة لغير النكاح فأجيز له الحضور، وكره إلا ما كان من جهة ولده أو والده ونحو ذلك. وفي النوادر عن أشهب: لا بأس أن يجيب الدعوة العامة وليمة أو صنيعًا عامًا لفرح، فأما أن يدعى مع عامة لغير فرح فلا يجيب وكأنه دعي خاصة؛ إذ لعله إنما صنع ذلك لأجل القاضي، وكذا ليس له قبول هدية ولو كافأ عليها أضعافها، وحمل الأشياخ قول ابن حبيب: "لم يختلف العلماء في كراهة قبول الهدية وهو مذهب مالك وأهل السنة" على المنع، وسواء كان المهدي ممن له عند القاضي خصومة أو لا. وقاله مطرف وابن الماجشون، وقال ابن عبد الحكم: له أن يقبل ممن لا خصومة له عنده، وقال أشهب: لا يقبلها من غير من يخاصم عنده إلا أن يكافأه عليها من قريب كولده ووالده وأخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه وخاله وخالته وعمته وبنتها، ومن لا يدخل عليه به ظنه الشدة الداخلة والمنافية بينهما وكذلك ذكر محمد بن سحنون عن أبيه، ونحوه في الموازنة، وفي هدية من اعتادها قبل الولاية قولان: يريد جواز قبول القاضي الهدية ممن كانت عادته ذلك قبل الولاية وعدم جوازه، والجواز لابن عبد الحكم، وقال مطرف وعبد الملك: لا ينبغي ذلك، وهو محتمل للمنع والكراهة. وقال العلامة جلال الدين عبد الله بن شاش في كتابه عقد الجواهر الثمينة في آداب القاضي: ولا يقبل الهدية ممن له خصومة ولا ممن ليس له خصومة، ولو كان ممن يقبلها منه قبل =