للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال الشفيع: بل بادرت، فينبغي تصديق الشفيع؛ لأن الظاهر صحة الأخذ، فلو أقاما بينتين فالوجه تقديم بينة الشفيع؛ لأنها مثبتة، ومعها زيادة علم بالفور.
قال مالك: "وقت وجوبها متسع"، وروى عنه في ذلك روايتان: إحداهما: أنه لا حدّ لذلك الوقت.
والثانية: أن له حدًّا. وجه الرواية الأولى: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ" فإنه عام في الأوقات والأحوال، ومن جهة المعنى أن هذا حقّ متعلق بالمال، وكان المشتري عالمًا به، وقادرًا على إزالته عن نفسه بتوقيفه الشفيع أمام القاضي، فإذا لم ينقطع حق المشتري، وهو التوقيف بمضي المدة، لم ينقطع حقُّ الشَّفيع أيضًا بمضيها.
ووجه الرواية الثانية: أن في ترك الشفيع على شفعته إضرارًا بالمشتري، ومنعًا له من التصرف في ملكه بالعمارة والزراعة، فكان له حدّ ينتهى إلبه. والقول بالتحديد هو الأصح. ثم اختلف في حدّها فقيل: سنتان، وقيل: سنة، وهو قول الأكثر، وما قارب السنة داخل في حكمها، وهو مذهب المدونة، وهو المعول عليه. والحنفية طلبات الشفعة عندهم على ثلاث:
الأول: طلب مواثبة.
الثاني: طلب إشهاد وتقرير.
الثالث: طلب أخذ وتملك.
وشرط طلب المواثبة أن يطلب في مجلس علمه بالبيع، بسماعه من رجلين، أو رجل وامرأتين، أو واحد عدل، وإن امتد المجلس، فلو قال بعد ما بلغه البيع: "الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله" لا تبطل شفعته؛ لأن الأول حمدٌ لله على الخلاص من جوار البائع، والأمن من ضرر الدخيل، والثاني تعجب منه بقصد إضراره. وسمي طلب مواثبة؛ لأنه يدل على غاية التعجيل، كأن الشفيع يثب ويطلب الشفعة.
وطلب الإشهاد هو أن يذهب إلى الدار المبيعة مثلًا؛ لأن الحق متعلق بها، أو البائع إذا كان المبيع في يده، أو المشتري مطلقًا، وإن لم يكن زايد؛ لأنه مالك، ومعه رجلان، أو رجل وامرأتان، ويقول: "اشترى فلان هذه الدار، وأنا شفيعها، وكنت طلبت الشفعة، وأطلبها الآن، فاشهدوا عليه. وهذا الطلب واجب، حتى إذا تمكن من الإشهاد ولم يشهد بطلت شفعته، وإذا أشهد في طلب المواثبة عند أحد هذه الأمور، كفى عن الإشهاد في الثاني؛ لقيامه مقام الطلبين ..
وطلب التملك؛ ويسمى طلب الخصومة، هو الذي يخاصم به الشفيع المشتري، طالبًا تسليم العقار المشفوع إليه، وبتأخيره عن الثاني شهرًا أو أكثر لا تبطل شفعته عند أبي حنيفة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>