فالأول: لا يقبل صاحبها الجمهور، وقيل: يقبل مطلقًا، وقبل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصرة مقالته قبل. والتحقيق أنه لا يُرَدُّ كلُّ مكفَّر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعى أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها؛ فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن الذي ترد روايته هو من أنكر أمرًا متواترًا من الشرع معلومًا من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله. والثاني: وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلًا، قد اختلف أيضًا في قبوله ورده. وقيل: يرد مطلقًا - وهو بعيد - وأكثر ما علل به أن في الرواية عنه ترويجًا لأمره وتنويهًا بذكره. وعلى هذا ينبغي ألا يروى عن مبتدع شيء من الحديث حتى يشاركه فيه خبر مبتدع. وقيل: يقبل مطلقًا إلا إن اعتقد حل الكذب كالكرامية. وقيل: يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته؛ لأن تزيين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه. قال ابن الصلاح: وهذا أعدل المذاهب وأولاها، وهو قول الأكثرين من العلماء. وقال ابن حجر: الأكثر على قبول غير الداعية إلا أن يروى ما يقوى بدعته فيرد على المذهب المختار: ينظر: غيث المستغيث ٨٣، ٨٤، والمحصول ٢/ ١/ ٥٦٧، والمستصفى ١/ ١٥٧، وشرح التنقيح ٣٥٩ والمعتمد ٢/ ٦١٨، والإحكام ٢/ ٦٦، وحاشية البناني ٢/ ١٤٧، وتيسير التحرير ٣/ ٤١، وكشف الأسرار ٣/ ٢٥، وفواتح الرحموت ٢/ ١٤٠، وأصول السرخسي ١/ ٣٧٣، والمختصر لابن اللحام (٨٥)، وشرح الكوكب ٢/ ٤٠٢، وإرشاد الفحول (٥٠).