وعن أبي زيد: الأدَبُ اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرّج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل. كذا في المغرب. وفي النهاية: والمراد من أدب القاضي هنا هو الخصال الحميدة المندوبة والمدعو إليها، فالأدب للقاضي ما يذكر له من شرائط الشهادة. وأما الآداب التي تطلب من القاضي فهي كثيرة جمة، وقد بسط علماء الإسلام القول فيها. ونحن نكتفي بذكر المهم منها، ومن أراد استيفاءها فليرجع إلى الكتب التي أشبعت القول في ذلك كتبصرة ابن فرحون وغيرها. وهذه الآداب منها ما هو مندوب، ومنها ما هو واجب، وسنذكر حكم كل منها، فأقول: من تلك الآداب أنه يندب له ترك البطانة التي يظن فيها السوء؛ لأن ذلك يؤدي إلى سوء الظن به. وأما إن كانت محققة السوء فتركها واجب، ويندب له منع الراكبين معه والمصاحبين له في المشي وغيره؛ لأن كثرة الناس حوله والتفافهم به يدعو إلى الاغترار والعجب، واتهام الناس له بأنه لا يجري الأحكام على أصحابه طبق الحق، ويندب تخفيف الأعوان بقدر الإمكان؛ لأنهم لكثرة اتصالهم يه يموهون على الناس، ويأكلون أموالهم بالباطل، ويعلمونهم طرق الغش والخداع في التخاصم إلى القاضي. كذلك يندب اتخاذ من يخبره من أهل الأمانة والصلاح بما يقال فيه من مدح وذم؛ ليتسنى له إدراك عيوبه فيتحاشاها، وبما يقال في شهوده وأعوانه؛ ليبنى منهم من كان صالحًا ويعزل غيره. ويندب له ترك البيع والشراء ونحوه في مجلس قضائه، سواء كان بنفسه أو وكيله خوف المحاباة، أو شغل باله. ويندب ترك حضور الولائم إلا وليمة النكاح؛ فتجب عليه الإجابة لها إذا توفرت شروطها، وقيل: تجوز الإجابة لا تجب، ورجحه بعضهم، ويندب أيضًا إحضار العلماء في مجلس الحكلم ومشاورتهم ولو كان مجتهدا؛ لأن ذلك يعينه على الوصول إلى الحق، ويجب عليه ألّا يقبل الهدايا، ولو كافأ عليها بأكثر منها؛ لميل النفوس لصاحب الهدية في الغالب إلا إذا كانت من قريب لا يجوز أن يحكم له كأبيه وعمه، فيجوز قبولها. واختلفوا في جواز قبول هدية ممن اعتاد الإهداء إليه قبل توليه، فقيل: تكره، وقيل: تجوز، كما اختلفوا في حكمه وهو ماش أو متكئ؛ فقيل: يكره لأنه مظنة الاستخفاف بالحكم الشرعي، وقيل يجوز، وفي حديثه بمجلس الحكم لضجر ونحوه، فقيل: يكره؛ لأنه يصان عن الابتذال بالكلام، وقيل: يجوز لأنه يروح القلب، ويعيد النشاط والفهم. ونظام الاستراحة الموجود =