فإنْ تسألينا فِيم نحن فإنَّنا … عصافيرُ من هذا الأنام المُسَحَّرِ وقال آخر: [الوافر] أرانا مُوضِعِين لأمرِ غَيْبٍ … ونُسْحَرُ بالطعام وبالشَّرابِ عصافيرٌ وذِبّانٌ ودُودٌ … وأَجْرأ مِن مُجَلِّحَة الذئاب وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] يقال: المسحر الذي خلق ذا سحر؛ ويقال من المعلَّلين؛ أي ممن يأكل الطعام ويشرب الشراب. وقيل: أصله الخفاء، فإن الساحر يفعله في خفية. وقيل أصله الصرف؛ يقال: ما سحرك عن كذا، أي ما صرفك عنه؛ فالسحر مصروف عن جهته. وقيل؛ أصله الاستمالة؛ وكل من استمالك فقد سحرك. وقيل في قوله تعالى: ﴿بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٥] أي سحرنا فأزلنا بالتخييل عن معرفتنا. وقال الجوهري: السحر الأخذة؛ وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر؛ وقد سحره يسحره سحرًا. والساحر: العالم، وسحره أيضًا بمعنى خدعه؛ وقد ذكرناه. وقال ابن مسعود: كنا نسمي السحر في الجاهلية العضه. والعضه عند العرب: شدة البهت وتمويه الكذب؛ قال الشاعر: أعوذ بربِّي من النّافثا … تِ في عِضهِ العاضه المعضه [واختلف هل له حقيقة أم لا؛ فذكر الغَزْنَوِيّ الحنفي في عيون المعاني له: أن السحر عند المعتزلة خدع لا أصل له، وعند الشافعي وسوسة وأمراض. قال: وعندنا أصله طِلسْم يُبنى على تأثير خصائص الكواكب؛ كتأثير الشمس في زئبق عِصِيّ فرعون، أو تعظيم الشياطين ليسهّلوا له ما عَسُر. قلت: وعندنا أنه حق وله حقيقة يخلق الله عنده ما شاء. ثم من السحر ما يكون بخفة اليد كالشَّعْوَذة. والشَّعْوَذّي: البريد لخفَّة سيره. قال ابن فارس في المُجْمَل: الشعوذة ليست من كلام أهل البادية، وهي خفة في اليدين وأُخْذَةٌ كالسحر؛ ومنه ما يكون كلاهمًا يُحفظ، ورُقى من أسماء الله تعالى. وقد يكون من عهود الشياطين، ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك. ومن السِّحر ما يكون كُفْرًا من فاعله؛ مثل ما يدّعون من تغيير صُوَر الناس، وإخراجهم في هيئة بهيمة، وقطع مسافة شهر في ليلة، والطيران في الهواء؛ فكل مَن فعل هذا ليُوهِم الناس أنه محق فذلك كفر منه؛ قاله أبو نصر عبد الرحيم القُشَيري. قال أبو عمرو: من زعم أن الساحر=