للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاسْتُدِلَّ! بِأَنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ رَوَى عَن أَبِيهِ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَضَي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، ثُمَّ قَالَ لِرَبِيعَةَ: لَا أَدْرِي، فكَانَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي.

قُلْنَا: صَحِيحٌ، فَأَيْنَ وُجُوبُ الْعَمَل؟!.

ذلك، ولم ينكره أحد، وصارت هذه سبيلًا للمحدثين.

ومن [طريف] (١) ما اتَّفق فيها أن أبا القَاسِمِ بن عَسَاكر - وهو أستاذ زمانه حفظًا وإتقانًا وورعًا - حدَّث قال: سمعت سعيد بن مُبَارك [الدّهان] (٢) بـ"بغداد" يقول: رأيت في النوم شخصًا أعرفه وهو ينشد صاحبًا له: [مجزوء الرمل]

أَيُّهَا الْمَاطِلُ دَيْنِي … أَمَلِيٌّ وَتُمَاطِلْ؟!

عَلِّلِ الْقَلْبَ فَإِنِّي … قَانِعٌ مِنْكَ بِبَاطِلْ

وحدَّث ابن عساكر بهذا صاحبه الحافظ [أبا سعيد بن (٣) المُبَارك] (٤) [قال: ابن السَّمعاني، فرأيت سعيد بن المُبَارك] (٥) وعرضت عليه هذه الحكاية فقال: ما أعرفها.

قال ابن السمعاني، وابن عساكر من أوثق من رأيت، جُمِعَ له الحفظ والمعرفة والإتقان، ولعلّ ابن الدّهان نسى.

قلت: كذا هو، وقد كان ابن الدَّهَّان بعد ذلك يروي هذه الحِكَاية عن [أبي سعيد] (٦) عن أبي القاسم عن نفسه.


(١) في ت، ح: ظريف.
(٢) سقط في ت.
(٣) سعيد بن المبارك بن الدهان البغدادي النحوي، العلامة، أبو محمد صاحب التصانيف، ولد سنة ٤٩٤ هـ، قال العماد الكاتب: هو سيبويه عصره، ووحيد دهره، لقيته، وكان حينئذ يقال: نُحاة بغداد أربعة: ابن الجواليقي، وابن الشجري، وابن الخشّاب، وابن الدهان، وقد غرقت كتبه بـ"بغداد" في غيبته، ثم نقلت إليه إلى الموصل، فشرع في تبخيرها باللَّاذن ليقطع ريحها الرديء، فطلع ذلك إلى رأسه، وأحدث له العمي. من كتبه: "سرقات المتنبي" و"التذكرة" وغيرها. توفي سنة ٥٦٩ هـ.
ينظر: معجم الأدباء ١١/ ٢١٩ - ٢٢٣، وإنباه الرواة ٢/ ٤٧، ووفيات الأعيان ٢/ ٣٨٢، والعبر ٤/ ٢٠٧، ومرآة الجنان ٣/ ٣٩٠، وشذرات الذهب ٤/ ٢٣٣، وسير الأعلام ٢٠/ ٥٨١.
(٤) في أ، ح: أبا سعيد بن السمعاني، وفي ب: أبا سعد.
(٥) سقط في ت.
(٦) في ت، ح: أبي سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>