للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولكني أقول: ذلك مُشْكل إن أجرى على ظاهره، فإنه لا يتّجه عند حصول اليقين، والعلم الضَّروري كالمُتَوَاتر إلا العمل بمضمونه.

وأنا أحمل كلام الأصحاب في ذلك؛ إما على المبالغة أو على أن المرجع عند حصول اليقين ليس إلى خبر المخبرين، بل إلى العلم الذي حصل لهم، وإن كانوا هم أصلًا فيه.

وكلّ ما ذكرناه في المَرْء ويخبر عن غيره.

أما من أخبر عن نفسه، فإنه بقبل فيما عليه أبدًا عند إمكان صدقه، ويقبل قوله أبدًا فيما لا يعلم إلا من جهته.

وأنا أقول: فيما لا يعلم إلا من جهة الشخص إخبار المجتهد، عما أداه إليه اجتهاده في الواقعة الحادثة؛ فلذلك تقبل فتوى المفتي إجماعًا، وإن تضمّنت الإخبار عن حكم الله تعالى.

وبهذا يتّضح لك فَسَاد قياس خبر الواحد المتنازع في أنه هل هو حُجّة على [اليقين] (١)، كما أسلفناه في مكانه.

وكلّ هذه الأماكن ليست في خبر الواحد الذي فيه نِزَاع الأصوليين في شيء.

فإن قلت ففيم يتكلم الأصوليون؟.

قلت: في خبر الواحد في [السير] (٢) والديانات التي يُكْتَفَى في مثلها بالظنون، وحينئذ نقول: إذا ثبت حجّيته، فهو حجة فيها [إجماعًا] (٣)، سواء أكان في عبادة مبتدأة، أو ركن من أركانها، وفي ابتداء نصاب أو تقدير نِصَاب.

وخالف قوم في مواضع:

منها: قال بعض الحنفيّة: لا يقبل في ابتداء النّصب، ويقبل في ثوانيها؛ ولذلك قبلوا خبر الوَاحِدِ في النّصَاب الزائد على خمس أَوَاقٍ؛ لأنه فرع، ولم يقبلوا في ابتداء نصاب [الفِصْلَان] (٤) والعَجَاجِيل؛ لأنه أصل، ذكره ابن السَّمْعَاني. قال: والأكثر من الحنفية على ما ذهبنا إليه، وروى أيضًا عن أبي يوسف.


(١) في أ، ت، ح: الفتيا.
(٢) في ب: السنن.
(٣) في ب: جميعًا.
(٤) في أ، ت: العضلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>