"الجالس وسط الحلْقة ملعون". ومرة بالنقص وهذا كثير جدا. يأتي أبو موسى بشرح مطوّل لبعض الأحاديث، مثل حديث "عليكم بالجهاد فإنه رهبانية أمتى" مادة (رهب)؛ فلقد استغرق شرحه صفحة من حجم "الفلوسكاب" ولخّص ابن الأثير هذه الصفحة في عبارة موجزة لا تتعدى ثلاثة أسطر، وذلك حيث يقول:
"يريد أنّ الرهبان وإن تركوا الدنيا وزهدوا فيها، وتخلوا عنها فلا ترك ولا زهد، ولا تَخَلِّىَ أكثر من بذل النفس في سبيل الله، وكما أنّه ليس عند النصارى عمل أفضل من الترهب، ففى الِإسلام لا عمل أفضل من الجهاد، ولهذا قال: "ذروة سنام الِإسلام الجهاد في سبيل الله. وشىء آخر تميّزت به نسخة (ن)، وهو أَنّها تنسب بعض الأحاديث الواردة بغير نسبة في نسخ المغيث.
ولله درّ ابن الأثير حيث قال في مقدمة (١) كتابه النهاية:
"وجميع ما في هذا الكتاب من غريب الحديث والآثار ينقسم قسمين: أحدهما مضاف إلى مسمى، والآخر غير مضاف، فما كان غَيْر مضاف، فإن أكثره والغالب عليه من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا الشّىء القليل الذي لا تعرف حقيقته، هل هو من حديثه أو حديث غيره، وقد نبّهنا عليه في مواضعه - وأمّا ما كان مضافاً إلى مسمّى فلا يخلو إما أن يكون ذلك المسمّى هو صاحب الحديث واللفظ له، وإما أن يكون راويا للحديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أو غيره، وإمّا أن يكون سبباً في ذِكر ذلك الحديث أضيف إليه، وإمّا أن يكون له فيه ذِكر عرف الحديث به، وأشتهر بالنسبة إليه.
ومن مميزات ابن الأثير الأخرى: أنّه حين ينقل عن أبى موسى حديثاً مقتضباً، أو غير واضح يورده كامِلًا أو يزيد جزءا منه يكفى لتوضيحه.
فحينما يقول أبو موسى في مادة (برر) في الحديث: "الحجّ المبرور"