للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن باب الرَّاء مع الهَاء

(رهب) - في الحَدِيث: "عليكم بالجِهادِ فإنَّه رَهْبَانِيَّة أُمَّتِى".

قال الحَلِيمِىُّ (١): أَى أَن النَّصارَي كانت تَترهَّبُ بالتَّخلِّى من أَشْغال الدُّنيا، ولا تَخَلِّىَ أَكثرُ من بَذْل النَّفْس في سَبِيل الله عَزَّ وجَلّ ليُقتلَ. وأَيضاً فإنَّ أُولئِك كانوا يَزعُمون أنهم يتخَلَّون من النَّاس لئلا يُؤذُوا أَحدًا، ولا أَذَى أَشَدّ (٢) من ترك المُبطِل على باطِله؛ لأَنَّ ذَلِك يُعرِّضه للنَّار، فإن تَكُن الرَّهْبانِيَّةُ دَفْعَ الأَذَى فهذه الرَّهْبَانِيَّة إذًا، لا ما يَتَوهَّمُه (٣) النصارى.

وأَيضاً إنّ المُتَرهِّبة تَجرِى على أَيدِيهم مِمَّا هو احتسابٌ عندهم، وأَمرٌ بالمَعْروف ونَهْى عن المُنْكِرِ مَا لا يَقدِر على الامْتِناع منه آمِرٌ مَأْمُور. فقيل: الجِهادُ رَهبانِيَّة هذه الأمة، لأَنَّه رأسُ الأَمْرِ والنَّهى ولا يُحابِى فيه من المشركين رَئِيسٌ ولا مَرْؤُوس، قلت (٤): وعندى وَجهٌ آخر أوجَه ممَّا ذَكَره الحَلِيمِىّ، وهو أن يَكُون معناه: كما أَنَّ عِندَ


(١) هو الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخارى الجرجانى أبو عبد الله توفى سنة ٤٠٣ هـ وله "المنهاج في شعب الإيمان ثلاثة أجزاء" الرسالة المستطرفة / ٤٤
(٢) ب، جـ: "ولا أَذَى أكثرَ من ترك المُبطِل على باطِله".
(٣) ب، جـ: "لا ما يتوهموه النَّصارى".
(٤) ب، جـ: قال الِإمام أبو موسى.