للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّصارى لا عَمَل أَفضَل من التَّرهُّب، فَفِى الِإسلام لا عَمَل أَفضلُ من الجِهاد، ولا (١) دَرجَةَ أَفضلُ من دَرجَته. ولِهذَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "ذِرْوَةُ سَنامِ الِإسلام الجِهادُ في سَبِيلِ الله عَزَّ وجَلَّ"، واللهُ تَبارَك وتَعالَى أَعلمَ.

والتَّرهُّب: التَّعبُّد بِخَشْية، وهو من بِنَاء (٢) التَّكَلُّف، كأنه يَتَكَلَّف الرَّهبةَ والخَوفَ من الله عَزّ وجَلَّ ويَقصِدُه ويتخَلَّق به.

قال ابنُ قُتَيْبَة: الرَّهْبانِيَّة: لزُومُ الصَّوامِع، وتَركُ أَكلِ اللَّحم، والتَّفَرُّد من النَّاس بحَيْث لا يَحضُر جُمعةً ولا جماعةً.

- (٣ في حَديثِ البَراء والجَان: "ظَهْرِى إليكَ رَغبةً ورَهبةً إليك".

عَطَف الرَّهبةَ على الرَّغْبة، ثم أَعملَ لفظَ الرَّغبة وحدَها، ولو أَعملَ كُلَّ وَاحدةٍ منهما لكان من حَقِّه أن يَقولَ: "رغَبةً إليكَ ورهبةً منك"، لأنه لا يقال: رَهَب إليك، والعَربُ تُكثِر فِعلَ ذَلِك، كما قال:

ورأيتُ بَعْلَك في الوَغَا ... مُتقلِّداً سَيفاً ورُمْحَا (٤)


(١) ب، جـ: "ولا درج أرفع من درجته".
(٢) ب، جـ: "باب التكلف".
(٣ - ٣) ساقط من ب، جـ - وفي ن: في حديث الدُّعاء: "رَغْبَةً وَرَهْبَةً إليك".
(٤) كذا في اللسان (قلد) وينسب لعبد الله بن الزبعرى - وفي اللسان (زجج) برواية: =