الهَرَوِىّ، رَحِمَه الله، ورأيتُ تَقريبَه الفائدةَ لمُطالِعه، واحْتِياجَ طُلَّاب فَوائِد القرآن والحَديثِ إلى مُودَعِه، واستَحْسَنْتُه جِدًّا وأَحمدْتُه سَعْياً وكَدًّا، غَيْرَ أَنى وجدتُ كلماتٍ كثيرةً شَذَّت عن كِتابه، إذْ لا يُحاطُ بجَمِيع ما تُكُلَّم به من غَرِيب الكَلِم، فلم أزل أَتَتَبَّعُ ما فَاتَه، وأكتُب ما غَفَل عنه، إلى أن وقعتُ على كُرَّاسة غَيرِ كبيرة، جَمعَها بَعضُ عُلماء خُراسَان بعد الخَمْسين والأربعمائة، لم يُسَمَّ فيها مُصنِّفُها، قد شَحنَها بما شَذَّ عن كِتاب أبي عُبَيْد، مِمّا أَوردَه العُزَيْزِىُّ في كِتاب "غَريبِ القُرآن" وأَضافَ إليه مَعانِىَ أسماء الله سبحانه وتعالى، وذكر في أَثنائهِ كَلماتٍ غيرَ كَثِيرة من غَرائب الأَلْفاظ، فأَضفْتُ تلك الألفاظَ إلى كتابى، وربما أُشِير إلى قولهِ في أثناء ما يَمُرّ بي من ذلك، لأننى لم أَسْتَجِز تَضييعَ حقِّهِ وإخمالَ ذِكرِه وسَعْيه وجَمعِه.
وخرّجتُ كِتابى على تَرتيب كِتابِ أبي عُبَيْد سَواءً بسواء، وسلكتُ طريقَه حَذْوَ النَّعل بالنَّعل في إخراج الكَلِم في الباب الذي يَلِيقُ بظَاهِر لَفظِها وإن كان اشتِقاقُها مُخالِفا لها.
ورأيتُ الأمْرَ على أبي عُبَيْد أسهلَ منه علىَّ؛ إذ استَخرجَها من كُتُب مجموعة مؤلَّفَة في هذا الفَنِّ إلا اليَسيرَ منه، وإنى جَمعتُه من مُتَفَرِّقَةِ الأحاديثِ والكُتُب، إلا ما ذَكرتُه من قِبَل التَّتِمَّة التي أَشرتُ إليها، وكتابٍ آخرَ غيرِ مرتَّبٍ أيضا.
والذى دَعَانى إلى ذلك الرَّغبةُ في الثَّواب المَوعُود للمُفِيد، في دعاء الطَّالِب المُستَفِيد، وسَمَّيتُه:"كِتابَ المَجموعِ المُغِيث في غَريبَى القُرآن والحَدِيث".