قَوْلُ صَحَابِيٍّ أَوْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَوْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إِلَّا عَنْ عَدْلٍ قُبِلَ.
وَرَابِعُهَا: إِنْ كَانَ مِنَ أَئِمَّةِ النَّقْلِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
لَنَا: أَنَّ إِرْسَالَ الْأَئِمَّةِ مِنَ التَّابِعِينَ كَانَ مَشْهُورًا مَقْبُولًا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ كَابْنِ المُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ المُخَالِفُ خَارِقًا للإِجْمَاعِ.
قُلْنَا: خَرْقُ الإِجْمَاعِ الْاسْتِدْلَالِيِّ أَوِ الظَّنِّيِّ لَا يَقْدَحُ.
وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عِنْدَهُ لَكَانَ مُدَلِّسًا فِي الْحَدِيثِ.
الشرح: "قول صحابي، أو أكثر العلماء، أو عرف أنه لا يرسل إلَّا عن عدل قبل"، كذا حكاه المصنّف عن الشَّافعي تبعًا للآمدي.
"ورابعها: إن كان من أئمّة النقل قُبِل، وإلا فلا، وهو المختار" عند المصنّف سواء كان من التَّابعين، أو من غيرهم على خلاف ما فَهِمَ بعض الشَّارحين، وأراه مذهب عيسى بن أبان؛ حيث قبل مراسيل الصَّحابة والتابعين، وتابعي التابعين، ومن هو من أئمّة النقل مطلقًا، فاختصره المصنّف، وإلا فيلزم أن يكون اختار مذهبًا لم يسبق إليه.
وكأن عيسى اعتقد أن التابعين وتابعيهم كلّهم من أئمة النقل، وإلا فيلزمه أن يقبل التابعين وتابعيهم مطلقًا، وردّ من عداهم إن لم يكن من أئمة النقل، وليس الأمر كما أعتقد، وسنذكر ذلك أيضًا.
والصَّحيحُ عندنا: مذهب قُدْوتنا الذي هو سيّد المنكرين للمراسيل وهو أي: الإمام وأتباعه.
وهنا نحن نَسْلك مع المصنّف مسلك الشَّارحين مع المُنَاضلة عن الحق المبين.
وأول ما نُفَاتحه به أن نقول: لا حاصل لتفصيلك؛ إذ ليس الكلام إلا فيمن هو من أئمّة
= ٤٦٥، وشرح تنقيح الفصول ٣٧٩، والمسودة ٢٥٠، والمدخل ص ٤٣، والحدود للباجي ٦٣، وفواتح الرحموت ٢/ ١٧٤، والكافية في الجدل (٥٦)، وتدريب الراوي ١/ ١٩٥، والسخاوي في فتح المغيب ١/ ١٢٨، وتوضيح الأفكار ١/ ٢٨٣، ومحاسن الاصطلاح ١٣٠، وفتح الباقي ١/ ١٤٤.