الْقَائِلُ مُطْلَقًا: تَمَسَّكُوا بِمَرَاسِيلِ التَّابِعِينَ وَلَا يُفِيدُهُمْ تَعْمِيمًا.
قَالُوا: إِرْسَالُ الْعَدْلِ يَدُلُّ عَلَى تَعْدِيلِهِ.
قُلْنَا: نَقْطَعُ بأَنَّ الْجَاهِلَ يُرْسِلُ وَلَا يَدْرِي مَنْ رَوَاهُ.
والمصنف دفع هذا الدليل بقوله: "قلنا: فائدته في أئمة النقل تفاوتهم" … أي: إنما يذكرون ليعرف تفاوت دَرَجاتهم، "ورفع الخلاف" الواقع في المرسل.
ولك أن تقول: كان التابعون يُسْندون قبل الخلاف في المُرْسل بالاتّفاق منا ومنك. أما منك فلدعواك أن القَبُول كان مجمعًا عليه.
وأما منّا فلدعوانا أن الرد كان مجمعًا عليه.
وهذا جواب جَدَلِيّ، والإنصاف، أنا على قطع بأنهم كانوا يسندون لَا لِوَاحِدٍ من هذين الأمرين، بل لمجرّد تصريح المرء بذكر شَيْخِهِ الذي حَدّثه.
الشرح: واحتجّ "القائل" بالمَرَاسيل "مطلقًا" بأنّ العلماء "تمسّكوا بمراسيل التَّابعين"، فإنها قبلت كما مَرّ تقريره.
قال المصنّف: "ولا يفيدهم تعميمًا"؛ فإنه يجوز اختصاص التَّابعين بمعنى يوجب قَبُول مراسيلهم، وهو كونهم من أئمّة الحديث.
وهذا ضعيف؛ فإنه ليس كلّ تابعي من أئمّة النقل، بل فيهم الجاهل وغيره، والمصنف إنما أجاب بهذا؛ ليتمشّى له تفصيله الذي ذهب إليه، ونحن جوابنا عن هذا قدمناه، وهو المَنْع.
ومن جواب المصنّف هذا أخذ بعض الشَّارحين أنَّ مراده بأئمّة النقل التابعون وهو عجيب، فإن في أئمة النقل من ليس بتابعي، وفي التَّابعين من ليس من أئمّة النقل.
وأي معنى يوجب اخْتِصَاص التابعي، وإن كان عاميًّا، فالمأخذ إن كان كونه من أئمّة النقل لا اختصاص له بالتَّابعي، وإن كان كونه تابعيًّا لا وجه له، ثم لا نعرف أن أحدًا قال به، وإنما المصنف ظن أن جميع التابعين من أئمة النَّقْل، فقال: من احتج بهم لم يستفد تعميمًا، أي: في أئمة النقل وغيرهم؛ لأنّ غيرهم ليس في مَعْنَاهم.
وهذا حينئذ واضح، وقد عرفت ما فيه.