. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وحينئذ ينبغي لمن يعمل به عند فَقْد الدليل مطلقًا أن يعمل به هنا لِرُجْحَانه، وهو مصير إلى أن المرسل حجّة، والتفريع على خلافه، ولا ينفع التعليل بأنه حُجّة ضعيفة، فجاز أن يدفع بأَدْنَى معارض، وإن كان مرجوحًا؛ لأن ذلك بحث جَدَلِيّ لا طَائِل تَحْته. انتهى.
قلت: قد يقال: إذا لم يوجد دليل سواه فيكون فائدته ألا يرد، ولا يكون الحال كحال لا دليل فيها أصلًا، بل ينظر كما قدمناه عن الشيخ الإمام في مراسيل من علم أن مراسيله غالبًا مسانيد.
وتظهر فائدة ذلك فيما إذا روى شيئًا على خلاف البراءة الأصلية.
فقد يقال: يجب الانْكِفَاف إلى اسْتِتْمَام البحث، ولا يحدث إثبات حكم، ولكن الوقف هناك من باب الاحتياط، وهذا كما قال إمام الحرمين في المجهول إذا روى خبرًا: إنه يجب الانْكِفَاف ويبحث عن حاله.
وبهذا يندفع قول الشيخ الإمام: لا يجوز إثبات حكم بما لا نعتقده دليلًا.
فنقول: نحن لا نثبت حكمًا، وإنما نكفّ عما كُنّا عاملين به إلى اسْتِتْمَام البحث، فإن أراد الماوردي، وإمام الحرمين بالعَمَلِ بالمرسلِ، إذا لم يوجد دليل غيره هذا، فلا بأس به، وإلا فالحق ما قاله الشيخ الإمام.
وقوله: في غير هذه الحالة إن الحكم ثابت [بلا إشكال] (١)، ولا غرض في إسناده.
صحيح، ولكن اجتماع دليلين حَسَن.
وقوله: في المخالف المرجوح ينبغي العمل بالمرسل حينئذ، والتفريع على خلافه.
قد يقال عليه: ليس التفريع على خلافه؛ لأن المَاوَرْدِي يدعي أن الشافعي يستثنى هذا الموضع من رد المراسيل.
وأما كونه حجّة ضعيفة على القول به، فلا بد من ذلك، فإن الحجج مُتَفَاوتة. ثم قال الشيخ الإمام: وأما اعْتِضَاده بمسند، فإذا كان المسند صحيحًا، كان العمل به لا بالمرسل.
وأما بمرسل آخر، فإذا لم يكن المرسل حجّة، لم يفد اقترانه بما ليس بحجّة، وكذلك قول الصَّحابي وفعله، وقول الأكثرين والانتشار.
(١) سقط في ب، ت.