للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قلت: والإمام إنما أراد مُلازمة الحياة للعلم، وعبارته؛ كما تقتضي قيام العلم بالذوات قيام الحياة بها، والحياة لازمة للعلم، فلم يرد أن كلًّا منهما لازم للآخر.

فإن قلت: والتمسُّك بالجوهر والعرض أوضح؛ لتلازمهما معًا، بخلاف الحياة والعلم.

قلت: إنما يستقيم التمسُّك بالجوهر والعرض.

لو قلنا: النهي عن الشيء أمر بضدّه.

وكلامنا هنا في الأمر بالشيء، هل هو نهي عن ضده؟

فإذا استقر بنينا عليه عكسه.

وقد عرفت ما فيه من الخلاف، فالتمسُّك بلزوم الحياة للعلم أوضح، وإذا تقرر هذا علمت أن من أَثْبَتَ القول النَّفسي اتفقوا على إثبات متعلقين، واختلفوا في المتعلّق فمنهم من وحَّده، وهو قائل: إن الأمر نفس النهي عن الضّد.

ومنهم من ثناه، وجعل لكل متعلّق من هذين متعلقًا يتعلق به.

وانفرد الإمام والغَزَالي من بين أصحابنا، فنفيا التعدُّد في المتعلّق، والمتعلق به، وهما يوحِّدان المتعلّق والمتعلق به.

والقاضي آخرًا يثنيهما (١) جميعًا.

ومنهم من يثني المتعلّق به ويوحِّد المتعلّق، وهم جماهير أئمّتنا.

إذا عرفت هذا فنقول: قولكم: كلامه - تعالى - واحد فلا تتطرّق الغيرية إليه، فينبغي أن يكون نفس الأمر بالشَّيء نهيًا عن ضدّه بلا نَظَرٍ.

قلنا: ليس هو في ذاته واحد بلا شَكّ، ولكنه متعدّد بالمتعلّقات، وكلامنا في الغيرية بهذا المعنى، وإلَّا فكل أمر من قِبَل الله - تعالى - قد [عرف] (٢) من قواعد أئمّتنا أنه بذاته عين النهي، والخبر، والاسْتِخْبار، وغير ذلك، فلم يكن لقولنا: الأمر بالشَّيء نَهْي عن ضدّه مَزِيَّة على قولنا: الأمر بالصّلاة خبر عن قصّة فرعون، ونهي عن الزنا إلى غير ذلك.


(١) في أ، ح: يثبتهما.
(٢) في ب: عرفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>