لَنَا: لَوْ كَانَ الآمْرُ نَهْيًا عَنِ الضِّدِّ، أَوْ يَتَضَمَّنُهُ - لَمْ يَحْصُلْ بِدُونِ تَعَقُّلِ الضِّدِّ وَالْكَفِّ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ مَطْلُوبُ النَّهْيِ، وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِالطَّلَبِ مَعَ الذُّهُولِ عَنْهُمَا.
وَاعْتُرِضَ: بِأَنَّ الْمُرَادَ الضِّدُّ الْعَامّ، وَتَعَقُّلُهُ حَاصِلٌ؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ (١) لَمْ يَطْلُبْهُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ طَلَبَهُ فِي المُسْتقْبَلِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْكَفُّ وَاضِحٌ.
الشرح: "لنا: لو كان الأمر نهيًا عن الضِّدّ، أو يتضمّنه لم يحصل بدون تعقُّل الضد والكَفّ عنه" - أي: الكَفّ عن الضد - "مطلوب النهي"، ويمتنع أن يطلب المرء ما لا يشعر به، "ونحن نقطع بالطلب مع الذهول عنهما".
"واعترض بأن المراد: الضد العام، وتعقله حاصل".
وهذا اعتراض صحيح، ذكره طوائف وهو بالغ، فإنا نمنع الطلب مع الذهول عن الضِّد العام، وهو ما يمنع من ترك الفعل المأمور به، لا الضِّد من جهة التفصيل، فهنا ثلاثة أشياء:
أحدها: نفس الترَّك، وهو واقع ولا خلاف فيه.
والثاني: النَّهي عن ضدّ ما وجودي، وهو محل الخلاف.
ونحن نقول: إن الأمر يستحضره من هذه الحَيْثِيّة.
والثالث: استحضار ضدّ معين، ولا قائل به.
وزاد المصنّف فذكر لهذا المنع مستندًا لم يذكره الآمدي، فقال دالًّا على أن تعقُّله حامل؛ "لأنه" - أي: الشخص المأمور - "لو كان عليه" - أي: على الفعل متلبسًا به - "لم يطلبه الآمر منه؛ لأنه طلب الحاصل، فإذن إنما يطلبه إذا علم أنه متلبّس بضدّه، لا به وذلك يستلزم تعقل ضده.
"وأجيب بأنّ طلبه" للفعل من المأمور "في المستقبل"، فلا يمنع الالتباس به في الحال؛ فطلب منه أن يوجده في ثاني الحال؛ كما يوجده في الحال.
"ولو سلم فالكَفّ واضح" أن الآمر لا يتعقّله حالة الأمر؛ لأن تعقّله للضّد حينئذ إنما