للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هو من حيث أن ترك الضِّد شرط في امتثال ما أمر به، [إلا من حيث صحة] (١) [قصد] (٢) الكَفّ عنه حتى يستلزم ذلك تعقل الكَفّ.

ومحلّ النزاع إنما هو الثاني، لا الأول، فإن النزاع في أن الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده الوجودي؟ لا في أنه هل هو نهي عن تركه؟ فإن ذلك واقع بلا شك.

واعترض على الأول بأنه جواب عن المستند وهو غير مُرْضٍ عند أهل النظر، وقد جرى هذا للمصنّف غير مرّة، وفيه هذا النظر (٣).

وبأن طلب الفعل من المأمور؛ إمَّا أن يكون حالة تلبُّسه به، أو في المستقبل.

وأيًّا ما كان يلزم ألّا يكون متلبسًا به، وإلا يلزم تحصيل الحاصل؛ وهذا لأن المراد من قولنا: إن الأمر حالة الآمر بعلم أو بظن أن المأمور ليس متلبسًا بذلك الأمر، أي: في الوقت الذي طلب إيقاعه منه فيه، حالًا كان أو مستقبلًا؛ وهذا لأنه لو علم أو ظن أنه يدوم على ذلك الفِعْلِ في المستقبل، ثم طلب إيقاعه منه فيه - لزم تحصيل الحاصل أيضًا، وحينئذ فإذا طلب منه في المستقبل الفعل الذي هو متلبّس به في الحال وجب أن يعلم أو يظن أنه يكون في المستقبل متلبسًا بما يضادّ ذلك الفعل، وإلا لزم تحصيل الحاصل كما مَرّ.

وعلى الثاني بأنه مُقَابلة المَنعْ بالمنع، وهو غير مقبول عند الجَدَليين، وبأنا لا نسلّم أن تعقّل الآمر الكَفّ عن الضدّ شرط في كون أمره نهيًا عن الضِّدِّ أو مستلزمًا له، وإنما يلزم ذلك لو كان النَّهي عن الضِّد مقصودًا بالذات، وليس كذلك وإنما هو مقصود [بالعرض] (٤)؛ وهذا لأن النهي عن الضِّد حينئذ ليس لأمر يرجع إلى الضِّد، وإنما ذلك لكون الإتيان بالضِّد وسيلةً إلى ترك الواجب، فلم قلتم: إن النهي عن الشيء بالعرض يستلزم تعقُّل الكَفّ عنه كما يستلزمه في النهي عنه؛ بالذات؟

وعند هذا نقول: الآن حَصْحَصَ الحق، والمختار عندنا في المسألة أن المأمور بشيء منهي عن جميع أضداده، وأنَّ الآمر (٥) به ناهٍ عن الأضداد.

وقد نقل القاضي الإجماع على ذلك.


(١) سقط في أ، ب.
(٢) في ب: قصد.
(٣) في ج: نظر.
(٤) في ج: القرض.
(٥) في حاشية ج: قف على أن الآمر بالشيء ناه عن ضده، وليس الأمر بالشيء نهيًا عن ضده.

<<  <  ج: ص:  >  >>