للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي: لَوْ لَمْ يَكُنْ إِيَّاه، لَكَانَ ضِدًّا أَوْ مِثْلًا أَوْ خِلَافًّا؛ لأَنَّهُمَا إِمَّا أَن يَتَسَاوَيَا فِي صِفَاتِ النَّفْسِ أَوْ لَا:

وقال أبو نصر القُشَيري: أَنَا لا أَشُك أن هذا ممنوع، ثم ذكر أن القاضي قال: إن منع ذلك مانع قِيل له هذا خَرْقُ ما عليه الكَافّة، مع أنا نُلْجِئُه إلى ما لا قِبل له به، فنقول: إذا ورد الأمر على الجَزْم بشيء، وهو مقيد بالفَوْرِ، وانتفى عنه سِمَةُ التخيير، فتحريم ضدّ الامتثال لا شَكّ فيه؛ إذ لو لم يجزم فما معنى وجوب الامتثال؟. انهى.

وأما أن الأمر بالشيء هل هو نهي؟ فلا سبيل إلى القول به مع تجويز عدم خُطُوره بالبال، وعلى تقدير الخطور، فليس الضِّدّ مقصودًا بذاته، وإنما هو ضروري دعا إليه تحقيق المأمور به، فليس كل ما كان ضروريًا للشيء يقال: إنه مدلول الشيء، ولا أن الشَّيء يتضمّنه، فمن أمر غيره بالقيام، كان التخلِّي عن أضداد القيام ممّا يقع ضرورة ليتحقق القيام، وليس ما يقع ضرورةً مندرجًا تحت الاقتضاء الَّذِي هو الأمر، ومن ضرورة الأمر بالشيء، العلم به والقدرة عليه والحياة.

ثم لا يُقَال: الأمر يتضمّن هذه الأشياء، بل لا بد [منها] (١)، فإن كان من يطلق أن الأمر يتضمن النَّهي يريد هذا المعنى، فهو مسلّم وقد توافقنا.

وإن كان يقول: من أمر غيره بالقيام فقد الْتَمَسَ منه التخلِّي عن الأضداد؛ كما استدعى منه القيام، وإلا لم يخطر الضِّدُّ بباله - فذلك محال.

[فهذا] (٢) ما نرتضيه في المسألة.

وإياه ذكر الأستاذ أبو نَصْرٍ القشيري، وقال: هذا التَّحْقيق يجري في أن الآمر بالشيء ليس ناهيًا عن أضداده؛ لأن الآمر [بالقيام] (٣) طالب له، وقد لا يخطر له ضدّه، فكيف يطلبه؟

قلت: وعلى تقدير الخُطُور، فليس هو المقصود بالذات كما عرفت.

الشرح: واحتج "القاضي" في كتاب "التقريب" على أن الأمر بالشيء نفس النهي عن ضدّه بأنه "لو لم يكن إياه لكان" غيرًا، وهذا واضح.


(١) في أ، ج: منهما.
(٢) فذلك.
(٣) في أ، ب، ت: للقيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>