للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: إِمَّا أَنْ يَتَنَافَيَا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ لَا:

فَلَوْ كَانَا مِثْلَيْنِ أَوْ ضِدَّيْنِ، لَمْ يَجْتَمِعَا.

وَلَوْ كَانَا خِلافَيْنِ، لَجَازَ أَحَدُهُمَا مَعَ ضِدِّ الآخَرِ وَخِلافِهِ؛ لأِنَّهُ حُكْمُ الْخِلافَيْنِ، وَيَسْتَحِيلُ الآمْرُ مَعَ ضِدِّ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ، وَهُوَ الآمْرُ بِضِدِّهِ؛ لأِنَّهُمْ نَقِيضَانِ أَوْ تَكْلِيفٌ بِغَيْرِ الْمُمْكِنِ.

وَأُجِيبَ: إِنْ أَرَادَ بِطَلَبِ تَرْكِ ضِدِّهِ طَلَبَ الْكَفِّ مُنِعَ لَازِمُهُمَا عِنْدَه، فَقَدْ يَتَلَازَمُ الْخِلافَانِ؛ فَيَسْتَحِيلُ ذَلِكَ، وَقَدْ، يَكُونُ كُلٌ مِنْهُمَا ضِدَّ ضِدِّ الآخَرِ؛ كَالظَّنِّ وَالشَّكِّ فَإنَّهُمَا مَعًا ضِدُّ الْعِلْمِ.

وَإنْ أَرَادَ بِتَرْكِ ضِدِّهِ عَيْنَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ - رَجَعَ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا فِي تَسْمِيَتِهِ تَرْكًا، ثُمَّ فِي تَسْمِيَةِ طَلَبِهِ نَهْيًا.

الْقَاضِي: أَيْضًا السُّكُونُ عَيْنُ تَرْكِ الْحَرَكَةِ، فَطَلَبُ الشُكُونِ طَلَبُ تَرْكِ الْحَرَكَةِ.

وَأُجِيبَ: بِمَا تَقَدَّمَ.

ولو كان غيرًا لكان "ضدًّا" له، "أو مثلًا، أو خلافًا". واللازم باطل.

وإلى بيان الملازمة أشار بقوله: "لأنهما" - أي: كل متغايرين - "إما أن يَتَسَاوَيَا في صفات النفس" - أي: في الذَّتيات - وهو تمام المَاهِيّه، والمعنى بصفات النفس ما "لا" يحتاج الوَصْف به إلى تعقل أمر زائد؛ كالإنسانية للإنسان، والحقيقة والوجود والنسبية له، بخلاف الحدوث والتحيُّز، فإن تساويا فيها [فمثلان] (١) كَسَوَادَيْن أو بَيَاضين.

"الثّاني": وهو ألّا يَتَسَاويا في صفات النفس، "إما أن يتنافيا بأنفسهما" - أي: يمتنع اجتماعهما في محل واحد بالنظر إلى ذاتهما فضدان كالسواد والبياض - "أو لا" فخلافان كالسَّوَاد والحَلاوة، وإلى انتفاء اللازم أشار بقوله: "فلو كانا مِثْلين أو ضدّين لم يجتمعا" في محل واحد؛ لاستحالة اجتماع المِثْلين والضِّدين، وهما يجتمعان؛ إذ جواز الأمر بالشَّيء والنهي عن ضدِّه معًا، ووقوعه ضروري.

والقاضي في "التقريب لم [يُعَرّج] (٢) على استحالة اجتماع المِثْلين، بل علل بأنه كان


(١) في أ، ج: فمثالان، وفي ب: فمتلازمان.
(٢) في ب: يشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>