للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يستغني عن الأمر به؛ لأنه ساد مَسَدّه.

ولعل هذا أوجه؛ لأن المعتزلة ينازعون في اسْتِحَالة اجتماع المثلين.

"ولو كانا خِلافَيْن لجاز أحدهما مع ضد الآخر، وخلافه" - أي: يجوز اجتماع كل منهما مع ضد الآخر ومع خلافه؛ "لأنه" - أي: لأن هذا - "حكم الخلافين" [أن] (١) كما يجتمع السواد، وهو خلاف الحلاوة مع الحموضة ومع الرائحة، فكان يجوز أن يجتمع الأمر بالشيء مع ضدّ النهي عن ضدّه، وهو الأمر بضده.

وإليه أشار بقوله: "ويستحيل الأمر مع ضد النهي عن ضده وهو الأمر بضده"، إما "لأنهما نقيضان"؛ إذ [يُعَدُّ] الأمر بفعل شيء، وبفعل ضده أمرًا متناقضًا؛ كما يعد خبر فعله، وفعل ضده. خبرًا متناقضًا، "أو "لأنه "تكليف بغير الممكن".

واعلم أن القاضي [أطلق] (٢) الضّدين، وأراد بهما ما يَتَنَافيان لذاتيهما كما عرفته، وذلك أعم من الضِّدَّين بالمعنى المصطلح والنقيضين والعدم والملكة.

وبيان ذلك: أن المُتَنَافيين لذاتيهما؛ إما أن يكونا وُجُوديين بينهما غاية الخلاف، فهما الضَدَّان بالمعنى المُصْطلح كالسَّوَاد والبياض، أم لا يكونا وجوديين.

فإن كان (٣) أحدهما وجوديًّا والآخر عدميًّا، فإن نظر إليهما بشرط وجود موضوع مستعد لذلك الأمر الوجودي، فهما العدم والملكة كالبَصَر والعَمَى، وإن نظر إليهما [لا] (٤) بشرط وجود الموضوع المستعدّ للإيجاب فهما السَّلب والإِيجاب، وهو المعنى بالنَّقيضين كالإِنسانية واللإنسانية.

"وأجيب: بأن أراد" القاضي "بطلب ترك ضدّه" - حيث يقول: الأمر بالشيء "طلب" لترك الضد - طلب "الكَفّ" عن ضدّه "منع لازمهما عنده" - أي: يختار حينئذ أنهما خلافان، ويمنع لازم الخلافين عند القاضي، أو عند هذا التفسير، وهو اجتماع كل ضدّ مع ضد الآخر وخلافه.


(١) سقط في أ، ب، ج.
(٢) في أ: طلق.
(٣) في حاشية ج: قف على الفرق بين الضدين والنقيضين والعدم والملكة.
(٤) في ب: إلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>