للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وليس على الإطلاق كما يفهم من كلام المصنّف، بل بمعنى أن فعل المأمور به لا.

يمنع من الأمر بالقضاء على ما صرّح به في "العمد".

فحاصل ما يقوله: أنه لا يدل على الإجزاء، وإنما الإجزاء مستفاد من عدم دليل يدلّ على وجوب الإعادة، ولا خلاف بين عبد الجَبّار، وغيره في بَرَاءة الذِّمة عند الإتيان بالمأمور به.

وشَبَّه القَرَافي هذا الخلاف بالخلاف في مفهوم الشَّرْط؛ كقوله: إن دخلت الدار فأنتَ حرّ، فمن نفاه قال: عدم عتقه ما لم يأت بالمَشْروط المستفاد من المِلْك السابق، ومن أثبته قال: هو مُسْتَفاد من ذلك من مفهوم الشرط أيضًا.

وإذا عرفت هذا وضح لك أن الخلاف فيما نحن فيه لفظي؛ إذ الغرض أنه أتى بالمأمور به على وجهه، وإذا كان كذلك فلا خلاف في أنه يمكن أن يراد أمر ثانٍ بعبارة يوقعها المأمور على حسب ما أوقع الأولى؛ لأن هذا كاستئناف شرع وتعبد ثانٍ؛ إذ الأمر الأول لا تعلّق له بهذا الثاني؛ لأن محل النزاع إنما هو في أمر واحد [بعبارة] (١) واحدة غير متكرّرة.

وأما النزاع في تَسْمِيَةِ هذا الأمر الثاني قضاء للأول.

فالجمهور لا يسمّونه قضاء؛ كما عرفت أول الكتاب أن القضاء ما فعل بعد وقت الأداء استدراكًا لما سبق وجوبه، وهذا ليس كذلك؛ لما مَرّ أنه ممتثل بفعله الأول لما وجب عليه اتفاقًا.

وأبو هاشم وعبد الجَبّار يسميانه قضاء، فلا يعرفان القضاء حينئذ بهذا التعريف؛ الأنَّ القضاء حينئذ عندهما أعم منه، بل يجعلان ذلك أحد قسمي القضاء.

فقد تبيّن لك أن الخلاف في هذه المسألة لَفْظي.

وبه يندفع بناء من بنى عليه صلاة فاقد الطّهورين إذا تمكن من أحدهما، هل يعيدها قائلًا نفي الإعادة مستمد من أن المصلي - أوقع هذه الصلاة على الوجه المأمور به، [فليجز] (٢) وإثباتها مستمد من أن الامتثال لا يقتضي الإجزاء، ووجه اندفاعه لائح مما قدمته.


(١) في ب: بعبادة.
(٢) في أ: فلتجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>