للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أتى به المصلى في أرض الغير بغير إذنه مأمور به باعتبار كونه صلاة يتقرب بها إلى اللّه تعالى، ونهى عنه من جهة كونه غصبًا ومكثا في أرض الغير بغير إذنه.
واستدل الجمهور على صحة مثل الصلاة في الدار المغصوبة بأربعة أدلة:
الأول: لو لم لصح الصلاة في الأرض المغصوبة، لكان ذلك، لأن متعلق الأمر والنهي واحد ذاتًا وجهة، والتالي باطل فبطل ملزومه من عدم صحة هذه الصلاة، فثبت نقيضه، وهو صحتها: أي أن الوضع الشرعي باق فيها، فيجتمع الأمر والنهي فيها باعتبار الجهتين المنفكتين.
"بيان الملازمة": أنه لا مانع يتخيل من جواز الجمع وصحة هذه الصلاة سوى اتحاد المتعلق ذاتًا وجهة، فاتحاد متعلق الأمر والنهي فيها هو الذي يبطلها؛ إذ لا مانع سواه.
"وأما بطلان التالي": فلأنه المتعلق وإن كان واحدًا ذاتًا فهو متعدد جهة، فإن متعلق الأمر في هذه الصلاة، هو الأكوان المخصوصة من جهة كونها صلاة ومتعلق النهي فيها هو هذه الأكوان من جهة كونها غصبًا، وكل من الجهتين يتعقل انفكاكها عن الأخرى وقد جمع المكلف بينهما باختياره، وذلك لا يخرجهما عن حقيقتيهما اللتين لأجلهما توجه الأمر والنهي، فالفعل المحكوم عليه بالوجوب والحرمة متعدد بتعدد جهتيه، وذلك كالحكم على شخص بكونه مذمومًا لفسقه، ومشكورًا لكرمه، وذلك مما لا يتحقق معه التقابل بين الحكمين والمنع منهما.
"الثاني": لو قال السيد لعبده: أوجبت عليك خياطة هذا الثوب، وحرمت عليك السكنى في هذه الدار، فإن فعلت ذاك أثبتك، وإن فعلت هذا عاقبتك، فإنه إذا سكن الدار وخاط الثوب فيها يصح أن يقال: فعل الواجب والمحرم، ويحسن من السيد إثابته له على الطاعة، وعقابه له على المعصية قطعًا. فهذه المسألة نظير مسألتنا؛ فلا مانع من أن يجتمع فيها الأمر والنهي باعتبار الجهتين، فشغل حيز الدار بالسكنى فيها منهى عنه محرم، وهو داخل في مفهوم الحركات والسكنات المخصوصة الداخلة في مفهوم الخياطة، فهو واجب مأمور به من هذه الناحية، فالكون في حيز الدار واحد بالشخص مأمور به ومنهى عنه لجهتي الخياطة والسكنى، وهذا جائز قطعًا.
ولو رمى شخص سهمًا إلى مسلم بحيث يمرُق إلى كافر، أو إلى كافر بحيث يمرق إلى مسلم، فإنه يثاب بقتله الكافر، ويملك سلبه، ويعاتب بقتله المسلم، ويقتل فيه قصاصًا، وإن كان فعله واحدًا إلا أنه تضمن أمرين مختلفين، فكذا ما نحن فيه.
"الدليل الثالث": لو لم تصح الصلاة في الأرض المغصوبة ويصح الجمع بين الوجوب =

<<  <  ج: ص:  >  >>