"بيان الملازمة": أن المانع المتصور من صحة الصلاة في المغصوبة هو التضاد بين الوجوب والحرمة، وكما يضاد الوجوب الحرمة يضاد الكراهة؛ إذ الأحكام كلها متضادة، فيلزم من عدم صحة الصلاة في المغصوبة للتضاد بين الوجوب والحرمة، عدم صحة صلاة مكروهة وصوم مكروه؛ للتضاد أيضًا بين الوجوب والكراهة. وهذا الدليل قد ارتضاه صاحبا التحرير والمسلّم، ولم يرتضه العلامة ابن الحاجب، فساقه بصيغه التضعيف، ثم ناقشه "بأنه إن اتحد الكون منع وإلا لم يفد لرجوع النهي إلى وصف منفك" وحاصل هذه المناقشة منع وارد على الدليل السابق، مردد بين منع الملازمة، وبطلان التالي، وذلك للترديد في الصلاة المكروهة والصوم المكروه بين أن يكون متعلق الأمر والنهي واحدًا أو متعددًا. فإن كان الكون فيهما واحدًا، وهو مأمور به لأنه جزء الصلاة أو الصوم المأمور بهما، ومكروه لأنه نهى عنه بنهي الكراهة، اتحد في كل منهما المتعلق للأمر والنهي، فالملازمة مسلمة، وبطلان التالي ممنوع؛ فإن الصلاة والصوم المكروهين حينئذ يكونان باطلين، كالصلاة في الأرض المغصوبة؛ إذ الكون في الحيز فيها واحد هو المأمور به؛ لأنه جزء الصلاة والمنهى عنه؛ لأنه الغصب. وإن كان الكون فيهما متعددًا، فبطلان التالي مسلّم، والملازمة ممنوعة أي لا يلزم من عدم صحة الصلاة في الأرض المغصوبة مع اتحاد المتعلق عدم الصحة للصلاة المكروهة أو الصوم المكروه مع تعدد المتعلق. وأجاب صاحب المسلّم بما إيضاحه: أنه لا فرق بين الصلاة والصوم المكروهين، والصلاة في الأرض المغصوبة المحرمة؛ إذ الكون الصلوي في المكروهة واحد هو المأمور به، والمتصف بالكراهة المنهى عنه، فإن جوز نظرًا لتعدد الجهة وصرف نهى التنزيه فيه إلى الوصف المجاور المنفك، فليجوز الجمع بين الأمر ونهي التحريم في الصلاة. في المغصوبة بصرف النهي إلى الغصب وهو المجاور المنفك. وإن لم يجوز كانت الصلوات المكروهة كلها باطلة، وهو خلاف الإجماع. وحاصل هذا الجواب: بيان أن المكروهات من الصلاة والصوم كلها من قبيل ما اتحد فيه الكون المأمور به والمنهى عنه. والاستدلال على بطلان التالي بالإجماع على صحة بعضها،=