للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ووجه الاستدلال به أن تقول: لو كان الشَّرعي هو الصَّحيح لصحّت صلاة الحائض بوجه ما؛ وهذا لأنها منهيَّةٌ عن الصَّلاة، والصلاة المنهية عنها ليست هي اللُّغوية، فتعين أن تكون هي الشرعية، والدَّليل على أنها منهية هذا الحديث.

وأيضًا: لا يصحّ أن يكون الشَّرْعي هو الصَّحيح، للزوم دخول الوضوء وغيره من الشروط في مُسَمَّى الصَّلاة لتوقف الصِّحة عليه.

ولك أن تقول: لا يلزم من التوقُّف الجزئية.

قالوا: لو كان المنهى عنه ممتنعًا لم يمنع؛ لأن المنع عن الممتنع لا فائدة فيه فلا بد من تصوّره.

ولأن النهي يوجب إعدام المنهي عنه بفعل مُضَاف إلى كَسْبِ العَبْدِ واختياره لأنه ابتلاء كالأمر، وإنما يتحقق الابتلاء إذا بقي للعبد فيه اختيار، حتى إذا انتهى معظمًا حرمة النَّاهي، أثيب، وإذا أقدم عوقب، ولا يتحقق ذلك إلا فيما هو مشروع.

وأجيب بأن المَنْع - أي: امتناع المنهي عنه - للنهي الوارد عليه، فلولاه لم يكن ممتنعًا.

وهذا معنى قول أصحابنا في جوابهم: هو متصوّر لولا النَّهي؛ ولذلك ورد عليه النهي؛ ثم النهي يعمل عمله في إفساده.

قال ابن السَّمْعَاني: ويمكن أن يعبر عن هذا فيقال: النَّهي لانعدام الشَّيء شرعًا لا لانعدامه حسًّا، فلما تصوّر حسًّا صحّ النهي عنه.

وقولهم فيما قدمناه آنفًا: المنهي هو الصَّوم المعلوم في الشرع.

وأما مجرّد الإمساك فليس بصوم، ولئن كان صومًا فهو من حيث اللُّغَة دون الشَّرع، فوجب الحكم بتصوُّر الصوم حقيقة.

فأجاب الأصحاب عنه: بأنا قلنا: إنه متصوّر لولا النَّهي.

قال ابنُ السَّمْعَاني: وهذا لا يدفع الإشكال، ولا يقنع به الخَصْم.

قال: ويمكن أن يُجَاب فيقال: الصَّوم الذي هو فعل العبد ليس إلا النية مع الإمساك، وهذا متصوّر منه، فصحَّ النهي لتصوره منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>