للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد تكلَّم الدكتور محمَّد عبد اللَّطيف فرفور حَوْل هذا الاتِّجاه بِقَوْله: "إنَّ التَّجْدِيدَ في الكِتابَةِ المُعاصِرَةِ في هذا الفَنِّ، ألا وهُو أُصُول الفِقْه، ينبغي أن يكونَ في التَّحْقِيق العلميِّ للمَسَائِلِ وعرْضِ القضايا الأصوليَّة عَرْضًا موضوعيًّا مُبَسَّطًا قريبَ المأْخَذ … " (١).

ثانيًا: اتِّجاهٌ خاضَ في مسألةِ التَّجْدِيد من زاوية حجيَّة السُّنَّة، والتَّشْكِيك فيها، وعلى رَأْسِه الشَّيخُ عبد الجليل عيسى وبخاصَّة في كتابه "اجْتِهاد الرَّسُول"، ود. عبد المنعم النّمر في كتابه "السُّنَّة والتَّشْرِيع".

ثالثًا: اتِّجاه خَاضَ في هذه المسأَلة عن طريق التَّشْكِيك في ثبوت السُّنَّة نَفْسِها، وممَّن خاض في هذه المسأَلة محمود أبو ريَّة في كتابه "أَضْواء على السُّنَّة المُحَمَّدية".

رابعًا: اتِّجاة دعا إلى التَّجْدِيد، ولكنْ من زاويةٍ أُخْرى، هي تجديد هَيْكَلِ أصُولِ الفِقْه، أو صياغَةِ هَيْكَلِه من جديد.

وممَّن حَمَل لِواءَ هذا اللَّوْن من التجديد د. حسن التُّرابي، وجمال الدين عطيَّة وغيرهما.

وفلسفةُ هذا الاتِّجاه تتلخَّص في أن "عِلْمَ الأصولِ التقليديَّ" الذي نلتمس فيه الهداية لَمْ يَعُدْ مناسبًا للوفاء بحاجَتِنا المُعَاصِرة حقَّ الوفاء؛ لأنَّه مطبوعٌ بأثَر الظُّروفِ التَّاريخيَّةِ الَّتِي نَشَأَ فيها، بل بطبيعة القضايا الفِقْهِيَّة الَّتِي كان يتوجَّه إليها البَحْثُ الفقهيُّ … " (٢).

ويَنْطَلِقُ هذا الاتِّجاه أيْضًا محاولًا إيجاد تقْسِيماتٍ جديدةٍ وتفريعات لم تُطْرَقْ من ذي قَبْلُ؛ ليتيح ذلك للفقيه التوسُّع التَّفْريع في القضيَّةِ أو المَسْأَلَةِ الَّيي يَبْحَثُها ممَّا يَخْدُم أخيرًا صَرْحَ الفِقْهِ الإسْلاميِّ. كذلك، فإنَّ هذا الاتِّجاه يُحاوِلُ الرَّبْطَ الوثيقَ بَيْن علم أصولِ الفِقْه والعلوم الأخْرى؛ حيث يَدْعُو إلى الاسْتِفَادَةِ مِنْ مناهج العُلُوم الاجتماعيَّة والإنسانيَّةِ والدراساتِ اللُّغَوية الجديدة كعِلْم الدَّلالة (السِّمَانْتِيك) - أي: استخدام كُلِّ هذه المَنَاهِج كأدواتٍ لِتَوْسِيعِ دَائِرَةِ أصُول الفِقْه.

خامسًا: وهناك اتجاة آخَرُ خاضَ في مسْأَلة التَّجْدِيد، ولكِنْ بمفْهُومٍ مغايرِ ومختلفٍ، ويُمْكِنُ أن نُطْلِق عَلَيْه اسْمَ اتِّجاه التَّبْدِيل والتَّغْيِير، أو اتِّجاهِ التَّبْدِيدِ لا التَّجْدِيد؛ لأنَّ ذلك


(١) الوجيز د. محمد عبد اللطيف ص ٨.
(٢) ينظر: تجديد أصول الفقه الإسلامي د. حسن الترابي ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>