للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أما المخصّص بمبهم، فنقل جماعة الاتفاق على أنه لا يحتج به؛ لأن إخراج المجهول من المعلوم يصيِّر المعلوم مجهولًا، وهذا كما لو قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَة إلَّا صاعًا منها، لا يصحّ لذلك، وعلى هذا جرى ابن السَّمعَاني، وغيره من أئمتنا.

وقضية طريقة الإمام الرازي جريان الخِلَاف مع الإبهام، وبه صرح ابن بَرْهَان (١) من أئمتنا، وصحح العمل به والحالة هذه.

واعتلّ بأنا إذا نظرنا إلى فرد شككنا فيه هل هو من المخرج، والأصل عدمه، فيبقى على الأصل ويعمل به إلى أن لا يبقى فرد؟ وهذا منه تصريح بالإضراب عن التخصيص بالمُبْهم، والانسحاب على العمل بصورة العام كلها، المخصص وغيره، وهو نَاءٍ عن قواعد الشَّرْع، وترك لدليل المخصّص بلا موجب.

ويلزم عليه: أن من طلق إحدى امرأتيه يطؤهما جميعًا، أو اشتبه عليه إناء طاهر ونجس يستعملهما، ولا [يعلم] (٢) أحدًا من الأصحاب قال به.

ولو قيل: يحتج به إلى أن يبقى فرد، فلا يحتجّ به فيه، كان على ضعفه أوجه.

ونظير المسألة:

إذا اشتبه إناءان طاهر ونجس، فثلاثة أوجه:

الصّحيح: أنه لا يجوز استعمال أحدهما إلا بالاجتهاد، وظهور علامة يغلب على الظَّن طهارته، ونجاسة المتروك.


(١) أحمد بن علي بن محمد بن برهان، أبو الفتح. ولد بـ"بغداد" في شوال سنة ٤٧٩ هـ، وتفقه على الغزالي والشاشي وإلكيا الهراسي، وبرع في المذهب والأصول، وكان هو الغالب عليه. قال المبارك بن كامل: كان خارق الذكاء لا يكاد يسمع شيئًا إلا حفظه، ولم يزل يبالغ في الطلب والتحقيق وحل المشكلات حتى صار يضرب به المثل من تجرد في الأصول والفروع، وصار علمًا من أعلام الدين. من تصانيفه: "البسيط"، و"الوسيط"، و"الوجيز" وغيرها. توفي سنة ٥١٨ هـ. ينظر: الأعلام ١/ ١٦٧، ووفيات الأعيان ١/ ٨٢، والبداية والنهاية ١٢/ ١٩٤، وشذرات الذهب ٤/ ٦١، ومرآة الجنان ٣/ ٢٣٥، وطبقات السبكي ٤/ ٤٢، وابن قاضى شهبة ١/ ٢٧٩.
(٢) في أ: يعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>