للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لم يظهر دليلٌ على التعيين كان مجملًا بينهما.

واعلم أن التقديرات الصَّالح أحدها للإِضمار قد يعمّها لفظ، وقد لا يعمّ متعددًا منها لفظٌ، بل تكون أمورًا متباينة، وهو الغالب، وإِليه الإِشارة بقوله "أحد تقديرات"، وحينئذ فقد يكون بينها جميعًا أو بينها وبين بعضها تنافٍ، وقد لا يكون، فهذه أقسام كثيرة لن يقدم المتأمل لكلامنا في هذه المسألة [أمثلها] (١).

ويجب عندي انتفاء الخلاف عن قسمين منها:

أحدهما: ما إِذا كان اللَّفظ عامًا لجميع تلك الأمور، فإِن الواجب تقدير ذلك العام؛ لأنه أقرب إِلى الحقيقة، ولا يعيّن واحد من أفراده إِلا إِن دلّ عليه دليل بخصوصه يثبته، وينفي ما عداه، وفي ذلك إِحالة لصورة المسألة، وفي قول المصنّف: "أحد تقديرات" ما يرشد إِلى هذا؛ فإِن أفراد العام في حكم تقدير واحد. وأما إِن كان هناك لفظ عام تحته أفراد وتقدير آخر خاصّ ليس هو من جملة أفراد ذلك العام، [فهل] (٢) يترجّح عليه العام؟

فيه نظر واحتمال، والأقرب عدم ترجّحه؛ لأنا لا نرجّح بكثرة الأفراد.

ونظيره: مسألة اللَّفظ المستعمل لمعنى تارة، ولمعنيين أخرى، الآتية في المجمل.

والثَّاني: أن يتنافيا، فالواجب عدم تقديرهما كما سنحكيه عن إِمام الحرمين، فنخصّ محلّ الخلاف بما وراء هذين القِسْمين.

وإِذا عرفت محلّه فنقول:

رأي جمهور أصحابنا ما عرفت، وخالفهم طائفة من الفُقَهَاء، فقالوا بالتعميم أي بتقدير الكُلّ. هذا معنى التعميم في هذا المقام، ولا نعني به أنهم يقدّرون اللَّفظ العامّ؛ لأنه قد لا يكون في المحتملات لفظ عام ألبتة، وبتقدير كونه، فالأولون لا ينكرونه، بل يذهبون إِليه إِذا كان أقرب إِلى الحقيقة.

وقد يقال: كلّ تقدير عام بالعموم المصطلح كما في قوله: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ" فإِن المقدر على كلّ تقدير مضاف إِلى الخطأ، فيعم بالإِضافة، وإِنما المعنى بالعموم هنا تقدير تلك المحتملات بأسرها، وكلام الشَّافعي في "الأم" في كتاب "الحج" يدلّ


(١) في أ، ج: أمثلتها.
(٢) في ب: وهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>